يرجعان إلى عالم اللفظ والدالّ وبين الأمرين مسافة بعيدة. نعم لو فرض في القضيّة الحمليّة أنّ المعنى قد استفيد من نفس اللفظ من دون قرينة كان ذلك علامة الحقيقة إلّا أنّه مستند إلى التّبادر لا إلى صحّة الحمل. إلى أن قال : وأمّا الحمل الشائع فتفصيل الكلام فيه أنّ ملاك صحّته بجميع أنواعه اتّحاد المعنيين أي الموضوع والمحمول وجودا ومغايرتهما مفهوما فذلك الوجود الواحد إمّا أن يكون وجودا لهما بالذات أو يكون لأحدهما بالذات وللآخر بالعرض أو لكليهما بالعرض فهذه أقسام ثلاثة : أمّا القسم الأوّل : فهو في حمل الطبيعيّ على أفراده ومصاديقه وحمل الجنس على النوع وحمل الفصل عليه (إذا كان النّظر إلى المعنى المميّز لهذا النوع من غيره). إلى أن قال : وأمّا القسم الثانى : فهو في حمل العناوين العرضيّة على معروضاتها كحمل الضاحك أو الكاتب أو العالم أو الأبيض أو الأسود على زيد مثلا فإنّ هذه العناوين جميعها عرضيّة انتزاعيّة منتزعة من قيام الأعراض بموضوعاتها وليس لها وجود في الخارج والموجود فيه نفس الأعراض والمقولات الّتي هي من مبادئ تلك العناوين ومنشأ انتزاعها وعليه فنسبة ما به الاتّحاد وهو وجود زيد المتصف بتلك المبادي إلى تلك العناوين بالعرض والمجاز وبمقتضى القاعدة السائرة في الكائنات بأجمعها وهي أنّ كلّ ما بالعرض لا بدّ وأن ينتهي إلى ما بالذّات فينتهي هذا الحمل أي (العناوين على معروضاتها) إلى حمل ثان ويدلّ الكلام عليه بالدلالة الالتزاميّة لا محالة فذلك الحمل من قبيل حمل الطبيعىّ على أفراده فإنّ في قولنا زيد ضاحك مثلا بما أنّ الضاحك عنوان عرضيّ انتزاعيّ فلا محالة ينتهى الأمر إلى حمل الضّحك على الصفة القائمة بزيد وهو من حمل الكلّيّ على فرده فبالنتيجة يرجع هذا القسم إلى القسم الأوّل وإن كان مغايرا له بحسب الصّورة. وأمّا القسم الثالث : فهو في حمل بعض العناوين العرضيّة على بعضها الآخر كقولهم الكاتب متحرّك الأصابع أو المتعجّب ضاحك. وقد اتّضح لك أنّه ليس لعناوين العرضيّة وجود في عالم الخارج بالذات بل يضاف إليها وجود ما