كما أشار إليه المحقّق الأصفهانيّ قدسسره هو الاتّحاد بين الموضوع والمحمول مع تجرّد اللفظ عن القرينة فإذا رأى المستعمل صحّة الحمل مع تجرّد اللفظ عن القرينة يكفي في الحكم بكون اللفظ حقيقة فيه إذ لو لم يكن كذلك لاحتاج إلى إقامة قرينة المجاز والمفروض عدمه فاتّحاد الموضوع مع المحمول مفهوما مع تجرّده عن قرينة المجاز شاهد على أنّ حمله عليه أيضا حقيقة كما أنّ اتّحاد المعنى المتقرّر في مرتبة ذات الموضوع كزيد مع ما للمحمول من المعنى كالإنسان شاهد على أنّ حمل الإنسان على زيد حقيقة أيضا وعليه فحمل الكلّيّ على الفرد من دون إقامة قرينة المجاز كاشفة أيضا عن كون اللفظ حقيقة في المعنى الموجود بوجود الفرد فيلاحظ مثلا معنى الحيوان الخاصّ الموجود بوجود زيد ويحمل عليه لفظ الإنسان بماله من المعنى عرفا أو ارتكازا فإن وجد صحّة الحمل كشف عن اتّحاد المعنى الموجود بوجود زيد مع ما للإنسان من المعنى وإلّا فلا. (١)
وبالجملة فملاك دليليّة الحمل في الذاتيّ والشائع على الحقيقة هو الاتّحاد مع تجرّد اللفظ عن القرينة وهما حاصلان في الموارد المذكورة فكيف لا يصحّ الحكم بالحقيقة مع وجودهما ولا ضير في كون الاتّحاد من مقولة المفاهيم والحقيقة من مقولة الاستعمال لأنّ ذلك لا يمنع من دليليّة مجموع الحمل والتجرّد على الحقيقة.
لا يقال : إنّ اللفظ في قوله «الإنسان حيوان ناطق» ، لم يجعل وجودا تنزيليّا لذلك المعنى التفصيليّ بل العلامة والارتباط جعل بينه وبين الصورة البسيطة من ذلك المعنى لا الصورة التحليليّة العقليّة المسمّاة بالحدّ التامّ مثلا وعليه فجعل الحمل الذاتي الذي هو عبارة عن اتّحاد الموضوع والمحمول مفهوما علامة للوضع محلّ نظر إذ لم يجعل اللفظ فيه وجودا تنزيليّا لذلك المعنى التفصيليّ كما أنّ دلالة الحمل الشائع على أنّ
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٤٠ ـ ٤٣.