والوضع الجديد حال الاستعمال فرفع اليد عن الوضع الأوّل الذي عرفت أنّه معتبر وحجّة بالعلم الإجماليّ المذكور مع أنّه ليس بحجّة على النقل والوضع الجديد حال الاستعمال هو رفع اليد عن الحجّة بلا حجّة وهو خلاف بناء العقلاء على أنّهم لا يرفعون اليد عن الحجّة إلّا بقيام الحجّة على خلافها.
وممّا ذكر (من أنّ الحجّة هي تعيين الواضع ووضعه وهي باقية ما لم تثبت الحجّة على خلافها) يظهر ما في تهذيب الاصول من نفي الحجّة عن الوضع وحصرها في الظّهور. مع أنّ الظهور متأخّر عن الوضع وتعيين الواضع ومترتّب عليه فما دام علم بقاء الوضع الأوّل بقيام أمارة على البقاء كالبناء المذكور يبقى هذا الظهور أيضا ومنع انعقاد الظهور بتعاقب الوضعين مع الشكّ في تقدّم الوضع الثاني على الاستعمال وتأخّره عنه في غير محلّه فإنّه بدويّ وبعد التأمّل حوله وقيام الأمارة على بقاء الوضع الأوّل يظهر أنّه باق على ظهوره ولا وجه لرفعه بمجرّد تعاقب الوضعين.
وبما ذكر يظهر أيضا ما في بحوث في علم الاصول (١) حيث ذهب إلى انثلام تطابق الظهور الفعليّ والظهور النوعي بمجرّد العلم بالنقل ولم يلتفت إلى أنّ مبنى العقلاء في إجراء أصالة عدم النقل هو عدم رفع اليد عن الحجّة بلا حجّة ووضع الواضع واعتباره الأوّل حجّة فلا يرفع اليد عنه إلّا بالحجّة ولم يستندوا في أصالة عدم النقل إلى الظهور حتّى يقال : لا ينعقد الظهور بسبب تعاقب الحالتين أو ينثلم تطابق الظهور الفعليّ والنوعيّ بمجرّد العلم بالنقل.
هذا مضافا إلى أنّ عدم الانعقاد أو الانثلام بدويّ وبعد التأمّل وبقاء الحجّة انعقد الظهور ولا ينثلم فلا تغفل.
وعليه فلا يرد على صاحب الدّرر إشكال فيما ذكر من أنّ بناء العقلاء على عدم رفع
__________________
(١) بحوث في علم الاصول : ١ / ١٧٢.