في هذه الصورة إلى أنّ أصالة عدم الاستعمال ليكون متأخّرا عن الوضع الشرعيّ تكون معارضة مع أصالة عدم الوضع الشرعيّ ليكون متأخّرا عن الاستعمال. هذا مضافا إلى أنّه لا دليل على اعتبارها تعبّدا إلّا على القول بالأصل المثبت ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخّر مع الشكّ وأصالة عدم النقل إنّما كانت معتبرة فيما إذا شكّ في أصل النقل لا في تأخّره فتأمّل. انتهى
ولعلّ وجه التأمّل هو ما مرّ في الفصل السابق من جريان أصالة عدم النقل مطلقا سواء علم بأصل النقل أو لم يعلم لوجود ملاك بناء العقلاء من عدم جواز رفع اليد عن الحجّة ما لم يعلم الحجّة الناقضة لها وعليه فمع جريانها حملت ألفاظ العبادات في صورة عدم العلم بتاريخ استعمالها على معانيها اللغويّة دون المعاني الشرعيّة.
ولكن الثمرة المذكورة فيما إذا شكّ في إرادة المعاني الشرعيّة من ألفاظ العبادات أو إرادة المعانى اللغويّة وأمّا إذا كان المراد منها واضحا فلا ثمرة عمليّة في البحث كما لا يخفى ولذا قال في تهذيب الاصول على كلّ حال الثمرة المعروفة أو الفرضيّة النادرة الفائدة ممّا لا طائل تحتها عند التأمّل حيث أنّا نقطع بأنّ الاستعمالات الواردة في مدارك فقهنا إنّما يراد منها هذه المعاني الّتي عندنا. (١)
وقال في المحاضرات : لا ثمرة للبحث عن هذه المسألة أصلا فإنّ ألفاظ الكتاب والسنّة الواصلتين إلينا يدا بيد معلومتان من حيث المراد فلا نشكّ في المراد الاستعماليّ منهما ولا يتوقّف في حملهما على المعاني الشّرعيّة. (٢)
* * *
__________________
(١) تهذيب الاصول : ١ / ٦٥.
(٢) المحاضرات : ١ / ١٣٤.