ومن جهة يدلّ على المعنى ويحكى عنه فلا يلزم اجتماع اللحاظ الآليّ والاستقلاليّ في شيء واحد.
وإليه يؤول ما أفاده المحقّق الأصفهانيّ قدسسره من أنّ التحقيق أنّ إنشاء الوضع حقيقة لمعنى جعل اللفظ بحيث يحكي بنفسه بجعل لازمه وهو جعله حاكيا فعلا بنفسه معقول فالحكاية وإن كانت مقصودة وملحوظة آليّا فى الاستعمال إلّا أنّها مقصودة بالاستقلال في مرحلة التسبّب إليها بإنشاء لازمها وجعله.
٢ ـ هل يقع الوضع بقسميه من الشارع أم لا؟ لم يعهد منه عليه الصلاة والسلام أن يصرّح بجعل العلقة والارتباط بين لفظ ومعنى وعليه فالوضع التصريحيّ غير ثابت وأمّا الوضع الاستعماليّ فلا يبعد دعواه في مثل استعمال ألفاظ العبادات في معانيها الشرعيّة من الأركان المخصوصة والأجزاء المعيّنة المعتبرة في شرع الإسلام فإنّ استعمال الشارع تلك الألفاظ فيها من دون إقامة قرينة وعلاقة من العلائق المجازيّة لا يكون إلّا لإرادة وضعها لخصوصها ولا ينافي ذلك كون ألفاظ العبادات معلوم المفهوم لدى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ومعاصريه من الكفّار والأقوام فإنّهم كانوا يفهمون معانيها بلا معونة قرينة لأنّ إرادة الأركان المخصوصة والأجزاء المعيّنة المعتبرة في شرع الإسلام لا تساعد المعاني المعهودة لها في السابق لأنّها إمّا أركان مخصوصة بالشرع السابق والمعلوم عدم إرادتها وإمّا المعاني الكلّيّة القابلة لانطباقها على غير الأركان والأجزاء المعتبرة في شرعنا وهي أيضا غير مرادة باستعمالها.
اللهم إلّا أن يقال المقصود من تلك الألفاظ هو معانيها الكلّيّة المعهودة ولكن تدلّ على الأركان والأجزاء المعتبرة في شرعنا من جهة تعدّد الدالّ والمدلول فلا يثبت بنفس الاستعمال الوضع التعيينيّ الاستعماليّ نعم لا بأس بأن يقال إنّ كثيرا ما إفادة الخاصّ بدالّين في مقام الطلب وبيان الخواصّ والآثار والحكاية والمحاورات المتعارفة توجب اختصاص اللفظ بالمعنى الخاصّ في أيّام قلائل ومنع بلوغ الكثرة في لسان