لأنّا نقول : إنّ لفظي الصحيح والفاسد لهما إطلاقان : أحدهما : بالنسبة إلى المركّبات التكوينيّة. وثانيهما : بالنسبة إلى المركّبات الاعتباريّة كالمعاملات والعبادات. فإذا اطلقا على المركّبات التكوينيّة كان معناهما مشتملين على الوجودين المضادّين كما ذكر. وأمّا إذا اطلقا على المركّبات الاعتباريّة كان معناهما كمعنى التام والناقص. ألا ترى أنّهم يقولون هذه المعاملة صحيحة وتلك فاسدة مع أن المعاملة الفاسدة هي الّتي لا تجتمع فيها الأجزاء أو الشرائط ولا يزيد عليه بوجود ضدّ وهكذا الإطلاق في العبادات فإنّ إطلاق الفاسد عليها نوعا من جهة فقدان الأجزاء أو الشرائط لا وجود الأضداد كما لا يخفى. وعليه فلفظي الصحيح والفاسد من الألفاظ المشتركة والشاهد عليه أنّه لا يحتاج استعمالهما في التامّ والناقص إلى ملاحظة العلاقة أو تخيّل وجود المنافر وليس ذلك إلّا لكونهما من الألفاظ المشتركة.
وممّا ذكر يظهر ما في تهذيب الاصول أيضا في أخير كلامه. حيث قال : والطريق الوحيد للتخلّص عمّا تقدّم من الإشكال لمن اشتهى إبقاء البحث على حاله ليس إلّا بالقول باستعمال الصحّة والفساد في التمام والنقص أعني استعمال ذلك المفهوم في هذا المفهوم ولكنّه بعد غير صحيح لعدم وجود العلاقة بينهما واتّحادهما بحسب المصداق لا يصحّح العلاقة. (١)
لما عرفت من عدم الحاجة إلى وجود العلاقة بعد صيرورة لفظي الصحيح والفاسد من المشتركات اللفظيّة. هذا مضافا إلى أنّ استعمال المفهوم في المفهوم لا معنى له بل الاستعمال هو استعمال اللفظ في المفهوم بنحو الحقيقة أو الاستعارة.
إذا عرفت ذلك فالصّحة في المركّبات الاعتباريّة عرفا ولغة بمعنى التماميّة ويقابلها الفساد وهو بمعنى عدم التماميّة وتقابلهما تقابل العدم والملكة فالمراد من الصحّة في
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ٦٩.