فإنّه يقال : إنّ البحث هنا أيضا في جواز حمل الألفاظ الشرعيّة أينما وقعت على الأعمّ أو على خصوص الصحيح وحيث أنّ العرف بنفسه لا يعرف الموضوع له في أسامي العبادات بل يحتاج إلى مهارة أهل الفنّ فلا بدّ من أن يبحث عنه في علم الاصول حتّى يظهر بعد البحث جواز حمل ألفاظ العبادات على الأعمّ أو خصوص الصحيح ولذلك قال استاذنا المحقّق الداماد قدسسره : يمكن القول بأنّ تشخيص الموضوع له لأسامي في العبادات على عهدة مهرة فنّ الاصول وإلّا فالعرف لا يصل يده إليه فحينئذ لا مانع من عدّ هذه المسألة من المسائل الاصوليّة.
ولا فرق بين وقوع هذه الألفاظ في كلام الشارع أو في كلام المتشرّعة بل في كلام المتكلّم فيما إذا قصد معناه الشرعيّ ومنه يظهر أنّ مسألة نذر إعطاء الدرهم لمن صلّى من إحدى موارد الحمل المذكور فإنّ بعد البحث عن تعيين الموضوع له في ألفاظ العبادة إن قلنا بأنّ الموضوع له هو الصحيح لا يحصل البرّ في النذر أو القسم إلّا إذا كانت الصلاة صحيحة فإذا أعطى درهما لمن صلّى صلاة صحيحة أوفى بنذره بخلاف ما إذا صلّى صلاة باطلة وإن قلنا بأنّ الموضوع له هو الأعمّ يحصل البرّ والوفاء بإعطاء الدرهم لمن صلّى ولو مع العلم بفساد صلاته.
لا يقال : انّ وجوب الوفاء بالنذر تابع لقصد الناذر في الكيفيّة والكمّيّة وأجنبيّ عن الوضع للصحيح أو الأعمّ. (١) لأنّا نقول : إنّما الفرض فيما إذا نوى المتكلّم النذر بإعطاء درهم لمن أتى بمسمّى لفظ الصلاة شرعا.
لا يقال : لا رجحان في مثل هذا النذر. لأنّا نقول : ربما يقصد به تمرين الصبي على العبادة وتشويقه وهو راجع كما لا يخفى.
وبالجملة مسألة النذر من موارد الثمرة المذكورة وهو جواز حمل الألفاظ الشرعيّة
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٨٢.