وهكذا الأمر في قوله «فلو أنّ أحدا صام نهاره ...» أي صام باعتقادهم.
وممّا ذكر من أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة يظهر الجواب عن مثل قوله عليهالسلام للذين جهلوا بالقبلة : «صلّوا إلى أربع جهات» مع أنّ المعلوم بطلان ثلاثة منها فالمستعمل فيه. وقوله عليهالسلام «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس ...» إذ المستعمل فيه أعمّ وإلّا لزم أن يكون الاستثناء منقطعا وهو خلاف الأصل.
ومنها قوله عليهالسلام «دعي الصلاة أيّام أقرائك.»
فإنّه لا بدّ أن يكون المراد بها الفاسدة إذ لو لم يكن كذلك وكان المراد بها الصحيحة لزم عدم صحّة النهي عنها لأنّ مرجعه إلى النهي عمّا لا يكون مقدورا لها لعدم تمكّنها من الصلاة مع الطهارة التي يمتنع حصولها بأقسامها في زمان حصول نقيضها أو ضدّها وهو حدث الحيض.
واجيب عنه : مضافا إلى أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة بما في التّقريرات وتبعه في الكفاية من أنّه يمكن أن يكون المستعمل فيه في مثله خصوص الصحيحة ويكون النهي إرشادا إلى عدم وقوع العبادة المعهودة في أيّام الحيض ، وعدم القدرة عليها ، وهل هذا إلّا مثل قولك : «السورة جزء للصلاة» أو «التكفير مانع عنها» ونحو ذلك ولا ريب أنّ المراد بها في هذه العبارة أعني السورة جزء للصلاة أو التكفير مانع عنها هي الصحيحة فكذا فيما نحن فيه من غير فرق. إلّا أنّ التعبير عن ذلك المطلب إنّما وقع بعبارة النهي المفيد للإرشاد. (١)
لا يقال : كما عن هداية المسترشدين إنّ الإرشاد كالمولويّ إنشاء بعث والبعث يستدعي محلّا قابلا كالنهى الشرعيّ وعلى فرض عدم القدرة فالبعث إلى الصحيح سواء كان إرشاديّا أو مولويّا لغو وقبيح كما أنّ خطاب من لا بصر له بقوله : «لا تنظر»
__________________
(١) التقريرات ١ / ٧٣.