إذ التمليك والملكيّة من قبيل الإيجاد والوجود فهما متّحدان بالذات ومختلفان بالاعتبار. فكما أنّ وجود الملكيّة ليس متّحدا مع العقد كذلك المتّحد معه ذاتا فافهم جيّدا. فحينئذ إن قلنا بأنّ البيع موضوع للتمليك الحقيقيّ أي ما هو بالحمل الشائع تمليك أو للتمليك الذي لا يصدق في الخارج إلّا على المتّحد مع وجود الملكيّة ذاتا كما هو الظاهر فلا محالة لا يجري فيه النزاع لعدم أثر لمثله كي يتّصف بلحاظ ترتّب الأثر عليه بالصحّة وبلحاظ عدم ترتّبه عليه بالفساد. إلى أن قال : وأمّا توهّم أنّ نفوذه (أي صحّته) لازم وجوده باعتبار ترتّب الآثار التكليفيّة والوضعيّة على الملكيّة فلا توجد إلّا مترتّبة عليها آثارها فيتّصف بالصحّة دون الفساد فمدفوع بأنّ نسبة تلك الآثار إلى الملكيّة نسبة الحكم إلى موضوعه لا نسبة المسبّب إلى سببه فضلا عن نسبة المسبّب إلى الأمر التسبيبيّ فلا يتّصف الملكيّة مع عدم كونها مؤثّرة في تلك الأحكام بالصحّة. فإن قلت : سلّمنا أنّ البيع هو إيجاد الملكيّة الحقيقيّة إلّا أنّ إيجاد الملكيّة أمر وإمضاء العرف أو الشرع أمر آخر فإن أمضاه الشارع أو العرف اتّصف بالصحّة وإلّا بالفساد. قلت : الملكيّة الشرعيّة أو العرفيّة ليست من المقولات الواقعيّة بل المعقول نفس اعتبار الشرع أو العرف هذا المعنى لمن حصل له السبب. ومن الواضح أنّ اعتبار كلّ معتبر لا واقع له وراء نفسه وهو أمر قائم بالمعتبر بالمباشرة وليس من حقيقة البيع في شيء حيث أنّه من الامور التسبيبيّة ، بل الشارع والعرف المعتبران للملكيّة ربما يجعلان سببا ليتوسّل به إلى اعتبارهما فإذا تسبّب الشخص بما جعله الشارع مثلا سببا لاعتباره فقد أوجد الملكيّة الاعتباريّة بالتسبيب ولا حالة منتظرة بعد حصول الملكيّة الشرعيّة بعلّتها التامّة الشرعيّة كي يقال بأنّ إيجاد الملكيّة أمر وإمضائه أمر آخر وإن أوجد ما هو سبب لاعتبار العرف فقطّ فالملكيّة الشرعيّة حقيقة لم توجد بعدم سببها وليس التمليك العرفيّ سببا بالإضافة إلى الملكيّة الشرعيّة حتّى يكون ترتّبها عليه مناط صحّته وعدمه مناط فساده وعلى أيّ حال فالقابل للتأثير وعدمه هو السبب دون