التجارة هو خصوص السبب أو السبب مع المسبّب. وهكذا أنّ قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، ظاهر في القرارات الإنشائيّة وحمل العقود على المسبّب بالقرارات خلاف الظاهر لأن العقد هو الإيجاب والقبول أو هما مع مسبّبهما.
قال في بدائع الأفكار : إنّ آية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) إمّا أن تكون ناظرة إلى تماميّة السبب مع بيان قابليّة المحلّ على النحو المتعارف عند العرف فتكون حينئذ ناظرة إلى إمضاء السبب والمسبّب كليهما وإمّا أن تكون ناظرة إلى تماميّة السبب فقط بلا ملاحظة قابليّة المحلّ فتكون إمضاء للسبب فقطّ وعلى أيّ تقدير تكون الآية من أدلّة إمضاء السبب وما توهّم من أن لفظ العقود ظاهر في الأسباب إلّا أنّها بقرينة تعلّق وجوب الوفاء بها تكون ظاهرة في المسبّبات فإنّ الأسباب أعني بها العقود ممّا تحصل آناً ما ولا تبقى حتّى تكون متعلّقا لوجوب الوفاء فاسد. أمّا أوّلا : فلمنع كون العقد غير قابل للبقاء لشهادة اختيار جلّ العلماء كون الفسخ حلّا للعقد من حين الفسخ وثانيا : نمنع كون وجوب الوفاء من توابع بقاء العقد كي يلزم من عدم بقائه إرجاع وجوب الوفاء إلى المسبّب بل العقد بحدوثه يكون قابلا للوفاء إلى الأبد فيتعلّق الوجوب به. (١)
لا يقال : إنّ العقد وإن كان ظاهرا في القرار الإنشائيّ اللفظيّ الذي يكون سببا ولكن ينافيه تفسيره بالعهد في بعض الروايات.
لأنّا نقول : أوّلا : إنّ العهد أيضا كالعقد قرار إنشائيّ لفظيّ. وثانيا : إنّ العقد لا يخلو من العهد فتفسير العقد بالعهد تفسير ببعض لوازمه فلا ينافي ما ذكر.
وكيف كان فاختصاص أدلّة الإمضاء أو الردّ بخصوص المسبّبات لا وجه له بعد ما عرفت من ظهور بعض الأدلّة في إمضاء الأسباب أيضا بل يكفي في إمضاء الأسباب كالمسبّبات عدم الردع الشرعيّ لأنّه إذا كان في مرأى ومنظر الشارع أسباب
__________________
(١) بدائع الأفكار ١ / ١٤٣.