وبهذا التقريب يتصوّر الجزء البدليّ للمأمور به أيضا.
بيان ذلك : أنّه يمكن أن يفرض المأمور به كالصلاة مثلا عنوانا بسيطا ذات مراتب طوليّة ينتزع بعض مراتبها عن فاقد هذا الجزء وبعضها عن واجده ويصدق هذا العنوان البسيط بمرتبته الناقصة على الأقلّ وبمرتبته الكاملة على الأكثر فإن كان الشيء دخيلا في جميع المراتب سمّي جزءا وجوبيّا وإن كان دخيلا في المرتبة الكاملة فقطّ سمّي جزءا ندبيّا وما تعلّق به الأمر هو صرف الطبيعة البسيطة المشكّكة. فالصلاة مثلا عنوان بسيط له مراتب متفاوتة بحسب الكمال والنقص فينتزع مرتبتها الكاملة عن جميع الأجزاء الواجبة والمستحبّة كالقنوت ونحوه بحيث يكون المنطبق للعنوان في هذه المرتبة جميع هذه الأجزاء ومرتبة منها تنتزع عن الأجزاء الواجبة بضميمة بعض خاصّ من الأجزاء المندوبة ومرتبة منها تنتزع عن الواجبات بضميمة بعض آخر منها وهكذا تتدرّج من الكمال إلى النقص إلى أن تصل إلى مرتبة هي أخسّ المراتب وهي التي يقتصر فيها على الواجبات فقطّ. وعلى هذا فالقنوت أيضا له دخالة في تحقّق طبيعة الصلاة وانتزاع عنوانها ولكن بمرتبتها الكاملة فالمنتزع عنه لهذه المرتبة من الطبيعة هو جميع الأجزاء الواجبة والمستحبّة ونفس الأمر بالطبيعة يدعو إلى الإتيان بالقنوت أيضا من جهة كونه جزءا لما ينطبق عليه عنوان المأمور به ببعض مراتبه والمكلّف مخيّر عقلا في إتيان أيّ مرتبة منها أراد. هذا حال الجزء ومنه يعرف حال الشرط أيضا مثل إتيان الصلاة في المسجد مثلا. وبالجملة فما عدّه في الكفاية جزءا أو شرطا للفرد يرجع إلى الجزئيّة أو الشرطيّة لمرتبة خاصّة من الطبيعة المشكّكة فتدبّر. (١)
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ٥١ ـ ٥٠.