كذا. (١) ومقتضاه هو حصر المعنى في اللفظ لا العكس فتفسير التعهّد بأنّه متى ما تكلّم بلفظ مخصوص لا يريد منه إلّا تفهيم معنى خاصّ أجنبيّ عن معنى التعهّد والتباني على ما عرفت من الدرر وصرّح به نفسه في أوّل الكتاب من المحاضرات (٢) حيث قال : حقيقة الوضع عبارة عن التعهّد بإبراز المعنى الذي تعلّق قصد المتكلّم بتفهيمه بلفظ مخصوص بناء على كون المراد من المخصوص في قوله : «بلفظ مخصوص» هو لفظ كذا من بين سائر الألفاظ لا اللفظ المختصّ بهذا المعنى.
وكيف كان فالتعهّد والتباني بالمعنى الذي في الدرر لا ينافي التعدّد لأنّ اللفظ لا يحصر في المعنى بل المعنى يكون محصورا في اللفظ فلا مانع من أن يحصر معنى آخر أو أزيد في ذلك اللفظ أيضا فيصير اللفظ الكذائيّ مشتركا بين المعاني المتعدّدة وإنّما المناقضة والتباين فيما إذا كان اللفظ محصورا في معنى خاصّ وهو ليس مستفادا من التعريف.
وثانيا : أنّه لو سلّم الحصر فهو محمول على الحصر الحقيقيّ ما لم يصدر عن الواضع تعهّد آخر بالنسبة إلى ذلك اللفظ وأمّا مع صدور التعهّد الآخر يحمل على الحصر الإضافيّ من دون مناقضة بينهما كما يجمع مثلا بين قولهم عليهالسلام : لا صلاة إلّا بطهور. وبين قولهم : لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب. وغير ذلك من الموارد التي ورد فيها الحصر متعدّدا وعلى فرض صحّة الجمع بينهما بالحمل على الحصر الإضافيّ فلا مجال للقول برفع اليد عن الالتزام الأوّل ولزوم الالتزام ثانيا بنحو الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ.
وثالثا : أنّ رفع اليد عن الالتزام الأوّل خلاف الوجدان ألا ترى أنّ الوضع في الأعلام الشخصيّة لا يكون كذلك. مثلا إذا أراد عمرو أن يسمّي ابنه باسم ابن صديقه
__________________
(١) الدرر / ٣٥ ط الجديد.
(٢) المحاضرات ١ / ٤٥.