للفظ وجودا تنزيليّا له وحيث أنّ الوجود الحقيقيّ ليس إلّا واحدا إذ لا يعقل أن يكون الوجود الواحد وجودا حقيقيّا للماهيّتين والمعنيين بعد كون الماهيّة حدّا للوجود وتبعا له في الوحدة والتعدّد يكون الوجود التنزيليّ أيضا واحدا فلا مجال لأن يكون وجود اللفظ مع وحدته وجودا لهذا المعنى خارجا ووجودا آخر لمعنى آخر.
ويقرب منه ما في منتهي الاصول حيث قال : إنّ حقيقة الاستعمال هو إلقاء المعنى إلى الطرف بإلقاء اللفظ وهذا لا يمكن إلّا بأن يكون اتّحاد بين اللفظ والمعنى وحيث أنّ هذا الاتّحاد ليس حقيقيّا لأنّ اللفظ من مقولة والمعنى غالبا من مقولة اخرى فلا بدّ أن يكون اعتباريّا وإن شئت فسمّه بالهوهويّة الاعتباريّة أو بأن اللفظ وجود تنزيليّ للمعنى ولهذا قالوا للشيء أربعة أنحاء من الوجودات وعدّوا منها الوجود اللفظيّ فإذا كان حقيقة الاستعمال كذلك فكيف يمكن أن يكون وجود واحد لطبيعيّ اللفظ وجودا لهذه الماهيّة ووجودا آخر لماهيّة اخرى.
لا يقال : إنّ الذي لا يمكن هو أن يكون وجود واحد شخصيّ وجودا لماهيّتين بالذات لا وجودا تنزيليّا لهما والفرق واضح لأنّ الماهيّة بناء على أصالة الوجود عبارة عن حدّ الوجود فهو تابع في الوحدة والتعدّد للوجود وبناء على أصالة الماهيّة ينعكس الأمر أي الوجود تابع له في الوحدة والتعدّد. وعلى كلّ تقدير لا يمكن أن يكون وجود واحد وجودا للماهيّتين بالذات. وأمّا الوجود التنزيليّ فليس وجودا للشيء حقيقة وإنّما هو صرف اعتبار فيمكن أن يعتبر وجود واحد وجودا لشيئين أو أكثر.
لأنّا نقول : نعم لا مانع من أن يكون الوجود الواحد وجودا اعتباريّا لعدّة أشياء مجتمعة وأمّا على سبيل الاستقلال والانفراد فلا يمكن لأنّ معنى اعتبار الاتّحاد بين اللفظ وهذا المعنى هو أن يكون الاثنان واحدا وحيث أنّ وجود اللفظ وجود شخصيّ فليس هناك وجود آخر حتّى يتّحد مع ذلك المعنى الآخر. ولا يقاس بمقام