جنسا كالمرأة والرجل والجنّ والإنس ونحوهما من دون عناية ومئونة فهل ترى في رجوع الضمير في قوله تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً). (١) إلى الجنّ والإنس مع أنّهما من جنسين مئونة وعناية؟ وليس ذلك إلّا لكون الجمع أو التثنية لإفادة المتعدّد ولو من الأجناس المختلفة.
فتحصّل أنّ التعسّف في الوجوه المذكورة يوجب القول بكفاية الاتّحاد اللفظيّ في استعمال التثنية والجمع حقيقة كما ذهب إليه صاحب المعالم فالتثنية لإفادة الاثنينيّة والجمع لإفادة الجماعة سواء كان من جنس واحد أو أجناس مختلفة فلا وجه لدعوى ظهورهما في إفادة التعدّد من جنس واحد ، نعم يرد عليه كما في الكفاية أنّه مع عدم لزوم التأويل والمجاز واستعمال اللفظ في معناه الحقيقيّ وكفاية الاتّحاد في اللفظ في استعمالهما حقيقة بحيث جاز إرادة عين جارية وعين باكية من تثنية العين حقيقة لا يكون استعمالهما من باب استعمال اللفظ في الأكثر لأنّ هيئة التثنية إنّما تدلّ على إرادة المتعدّد ممّا يراد من مفردهما فيكون استعمالهما وإرادة المتعدّد من معانيه استعمالا لهما في معنى واحد كما إذا استعملا واريد المتعدّد عن معنى واحد منهما فلا فرق بين استعمال اللفظ في التثنية والجمع وإرادة المتعدّد من معنى واحد وبين استعماله فيهما وإرادة المتعدّد من معانيه لأنّ صيغتهما في كلتا الصورتين مستعملتان في معنى واحد وهو إرادة المتعدّد ممّا يراد من مفردهما لأنّ هذا المعنى يصدق على الصورتين. فالتثنية تدلّ على الاثنينيّة سواء كانت من جنس واحد أو من جنسين والجمع تدلّ على الجماعة سواء كانت من جنس واحد أو من جنسين وعليه فصيغة التثنية والجمع لم يستعملا في الأكثر من معناهما بل مستعملان في كلتا الصورتين في معناهما. نعم لو اريد مثلا من
__________________
(١) الإسراء / ٨٨.