الإدراكيّة المتحقّقة في ذهن المخاطب حين استعمال اللفظ في معناه بطونا لهذا المعنى مع عدم الارتباط بينها وبين هذا المعنى. انتهى موضع الحاجة. (١)
بل يمكن منع صدق البطون باعتبار كونها من لوازم المعنى وإن كانت اللوازم المتعدّدة للمعاني من امتيازاتها ولكن صدق البطون عليها كما في نهاية الاصول بلا وجه (٢) اللهمّ إلّا أن يقال إنّ خفاء بعض اللوازم كخفاء بعض المصاديق يصحّح صدق البطون عليها. قال في نهاية الدراية : وربما يمكن إصلاح تعدّد البطون بتعدّد المحقّقات والمصاديق لمعنى واحد مثلا الطريق والميزان لهما معنى معروف وهما ما يسلك فيه ويوزن به ومحقّقاتهما كثيرة منها الطريق الخارجيّ وما له كفّتان ومنها الإمام عليهالسلام حيث أنّه السبيل الأعظم والصراط الأقوم الذي لا يضلّ سالكه وإرادة المصاديق المتعدّدة في كلّ مورد بحسبه لا تنافي الاستعمال في معنى واحد يجمع شتاتها ويحوي متفرّقاتها. (٣)
وإليه يؤول ما أفاده استاذنا المحقّق الداماد قدسسره من أنّه يمكن أن يكون المراد من البطون أنّ للمعاني والمداليل الكلّيّة القرآنيّة مصاديق خفيّة مستورة عن الأذهان قد اطلقت عليها الألفاظ القرآنيّة كما اطلقت على مصاديقها الظاهريّة مع أنّ الاستعمال ليس إلّا في مفهوم واحد كلّيّ. ألا ترى أنّ العقد والعهد اطلق على المعاهدة والميثاق الذي وقعت بين الأرواح وبينه تعالى في عالم الذرّ وأنّ الطعام اطلق على العلم في مثل قوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) أو اطلق الميزان على ولاية مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام بعد كونها معيارا لمراتب الإيمان وهكذا. فكلّ مصداق خفيّ بطن من بطونه التي لا يعلمها إلّا الراسخون في العلم وبعبارة اخرى كما في نهاية الاصول أنّ
__________________
(١) نهاية الاصول ١ / ٥٦.
(٢) نفس المصدر.
(٣) نهاية الدراية ١ / ٩٤.