قد سئل بعض أساتيدنا رحمهالله عن تقريب دلالة الآية على عصمة الإمام فأجاب : أنّ الناس بحسب القسمة العقليّة على أربعة أقسام : من كان ظالما في جميع عمره ومن لم يكن ظالما في جميع عمره ومن هو ظالم في أوّل عمره دون آخره ومن هو بالعكس. وإبراهيم عليهالسلام أجلّ شأنا من أن يسأل الإمامة للطائفة الاولى والرابعة من ذرّيّته فبقي قسمان آخران وقد نفى الله أحدهما وهو الذي يكون ظالما في أوّل عمره دون آخره فبقي الآخر وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره. (١)
وعليه فالمراد من عنوان الظالمين من صدر منهم الظلم ولو آناً ما واستعمل لفظ الظالم بلحاظ حال التلبّس ولم يستعمل في المنقضي عنه المبدأ ولو سلّم لا يفيد ذلك لأنّ الاستعمال مع القرينة لا يصلح شاهدا للبحث لا له ولا عليه.
ومنها : ما في نهاية الاصول من أنّ أكثر أفراد الظلم كفعل أكثر المحرّمات ممّا يحدث وينصرم فلا معنى لدوران المحروميّة من الإمامة مداره حدوثا وبقاء وبعض أفراده وإن كان ممّا لا ينصرم كالشرك مثلا ولكن كلمة (الظالمين) جمع محلّى باللام فيدلّ الآية الشريفة على محروميّة كلّ من صدق عليه هذا العنوان بأيّ جهة كان فيشمل كلّ من ارتكب مظلمة من المظالم الثابتة أو المتصرّمة وحيث أنّ المتصرّمة منها علّة لحدوث المحروميّة من دون أن تكون في بقائها دائرة مدارها كما عرفت وجهه فالثابتة منها أيضا كذلك بطريق أولى وممّا يدلّ على كون اللام في المقام للاستغراق لا للعهد أنّ العهد إنّما يتمشّى احتماله فيما إذا كان الاخبار بما وقع في الحال أو المضيّ وفيما نحن فيه ليس كذلك فإنّ المخاطب بهذا الكلام هو إبراهيم الخليل عليهالسلام وقد خوطب به قبل أن يوجد الظالمون من ذرّيّته ويرتكبوا المظالم فيكون ظاهر الآية محروميّة كلّ من يوجد ويصدق عليه هذا العنوان ويؤيّد ذلك عظم قدر الإمامة وجلالته بحيث
__________________
(١) الميزان ١ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧.