الاصول من أنّه مستلزم لاجتماع أمرين متنافيين في المشتقّات إذ المادّة التي اخذت بشرط لا لا بدّ وأن تكون موجودة في فروعها بما لها من الحيثيّات بلا حذف واحدة منها وحينئذ هيئة المشتقّ لا تأبى عن الحمل بل تقتضيه ومادّته يتعصى عنه وإلّا لم تكن ما فرض مادّة مادّة ولو قيل إنّ الهيئة تقلب المادّة إلى اللابشرط ففيه أنّ ذلك لا يرجع إلى محصّل إلّا أن يراد به استعمال المادّة في ضمن هيئة المشتقّ في الماهيّة اللابشرط وهو مع استلزامه المجازيّة يهدم دعوى الفرق بين المادّة والمشتقّ بما ذكر واحتمال أنّ المراد من المادّة هنا هو المصدر يوجب وهنا على وهن على أنّ أخذ المبدأ بشرط لا يستلزم له نحوا من التحصّل والمتحصّل بما هو متحصّل لا يعقل أن يصير مبدأ لشيء آخر فتدبّر (١).
ولا يخفى عليك أنّ عدم معقوليّة صيرورة المتحصّل مبدأ لشيء آخر وارد إذا قلنا بأنّ مبدأ المشتقّ هو المصدر وأمّا إذا قلنا بأنّ المصدر والمشتقّ وغيرهما كلّها مأخوذة من مادّة خالية عن التحصّل وموضوعة لنفس الحدث كما أشار إليه (في الصفحة ١٠٦) فلا يرد الإشكال المذكور فراجع وتأمّل. ثمّ إنّه لا يلزم هدم دعوى الفرق لو كان طرف الفرق هو المصدر كما هو كذلك وأمّا المادّة التي تتّخذ مع كلّ هيئة فهي لا بشرط لا بشرط لا.
وهنا إشكال آخر وهو أنّ الاعتبار لا يجعل المتغايرين في الوجود متّحدا فيه واقعا والحمل هو الاتّحاد في الوجود بحيث ينسب ذلك الوجود إلى كلّ منهما إمّا بالذات أو بالعرض في الطرفين أو في طرف واحد وملاحظة العرض بما هو ظهور موضوعه ومرتبة من وجوده وشأنا من شئونه لا يصحّح دعوى أنّ وجوده ووجود موضوعه وإن كان وجوده في نفسه وجوده لموضوعه فالعرض وموضوعه متعدّدان
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٢٤ ـ ١٢٥.