يكون بينهما مغايرة باعتبار الذهن في لحاظ الحمل واتّحاد باعتبار الظرف الذي يعتبر الحمل بالقياس إليه من ذهن أو خارج ثمّ التغاير قد يكون اعتباريّا والاتّحاد حقيقيّا كقولك : هذا زيد ، والناطق حسّاس. وقد يكون التغاير حقيقيّا والاتّحاد اعتباريّا وذلك بتنزيل الأشياء المتغايرة منزلة شيء واحد وملاحظتهما من حيث المجموع والجملة فيلحقه بذلك الاعتبار وحدة اعتباريّة فيصحّ حمل كلّ جزء من أجزائه المأخوذة (لا بشرط) عليه وحمل كلّ واحد منها على الآخر بالقياس إليه نظرا إلى اتّحادهما فيه كقولك : (الإنسان جسم) أو (ناطق) (١).
فإنّ الإنسان مركّب في الخارج حقيقية من بدن ونفس لكنّ اللفظ إنّما وضع بإزاء المجموع من حيث كونه شيئا واحدا ولو بالاعتبار فإن اخذ الجزءان بشرط لا كما هو مفاد لفظ البدن والنفس امتنع حمل أحدهما على الآخر وحملهما على الإنسان لانتفاء الاتّحاد بينهما وإن أخذا اللابشرط كما هو مفاد الجسم والناطق صحّ حمل أحدهما على الآخر وحملهما على الإنسان لتحقّق الاتّحاد المصحّح للحمل فقد تحقّق ممّا قرّرنا أنّ حمل أحد المتغايرين بالوجود على الآخر بالقياس إلى ظرف التغاير لا يصحّ إلّا بشروط ثلاثة : أخذ المجموع من حيث المجموع وأخذ الأجزاء لا بشرط واعتبار الحمل بالنسبة إلى المجموع من حيث المجموع إذا تبيّن عندك هذا فنقول : أخذ العرض (لا بشرط) لا يصحّح حمله على موضوعه ما لم يعتبر المجموع المركّب منهما شيئا واحدا ويعتبر الحمل بالقياس إليه ولا خفاء في أنّا إذا قلنا : زيد عالم أو متحرّك لم نرد بزيد المركّب من الذات وصفة العلم أو الحركة وإنّما نريد به الذات وحدها فيمتنع حمل العلم والحركة عليه وإن اعتبرا لا بشرط بل التحقيق أنّ مفاد المشتقّ
__________________
(١) لعلّ المراد من الناطق النفس وإلّا فالإنسان مع الناطق متّحد في الوجود ولا يكون متغايرا.