الأرض أو غيره لا يترتّب عليه العلم بالحكم وإنّما يستنبط الحكم من الأمر أو النهي وما يضاهيهما. نعم قد تكون المسألة الاصوليّة متوقّفة على مسألة اخرى في مقام الاستنباط منها كما إذا فرضنا أنّ الأمر بشيء ما ورد في رواية ظنّيّة السند فإنّ الاستنباط منها يتوقّف على إثبات ظهور الأمر في الوجوب وعلى إثبات حجّيّة السند إلّا أنّ كلّا منهما مسألة اصوليّة برأسها إذ يمكن استنباط الحكم من كلّ منهما بلا حاجة إلى ضمّ مسألة اخرى كما إذا كان الأمر واردا في السنّة القطعيّة أو كانت الرواية نصّا في مدلولها. فظهر من هذا أنّ البحث عن أدوات العموم وأنّ كلمة «كلّ» و «الجمع المحلّى بالألف واللام» و «النكرة في سياق النفي ممّا يفيد العموم أم لا؟» أو «أنّ معاني المشتقّات ظاهرة فيمن تلبّس بالمبدإ أو في الأعمّ؟» أو «أنّ أسماء العبادات وضعت للصحيح أو الأعمّ؟» إنّما هي مسائل لغويّة لعدم إمكان وقوعها في طريق الاستنباط وحدها وبما أنّ القوم لم يعنونوها في اللغة قد تعرّض لها في فنّ الاصول تفصيلا فالذي ظهر أنّ قواعد علم الاصول هي ما أمكن حصول الاستنباط من كلّ مسألة مسألة منها ولو على سبيل القلّة بلا انضمام مسألة اخرى إليها من مسائل علم الاصول نفسه أو مسائل بقيّة العلوم الأخر وهذا بخلاف مسائل سائر العلوم فإنّها محتاجة في مقام تحصيل الوظيفة الفعليّة إلى ضمّ كبرى من المسائل الاصوليّة إليها. (١)
وفيه أنّ الموجبة الجزئيّة في إمكان استفادة الحكم الشرعيّ إن كانت كافية ففي مثل سائر العلوم أيضا ربما يكون كذلك كما إذا وردت كلمة «الصعيد» في دليل قطعيّ الصدور فإذا عيّن معناها بما في اللغة أمكن استفادة الحكم الشرعيّ منها من دون حاجة إلى شيء آخر فيكون البحث اللغويّ عن مفاد كلمة «الصعيد» ونحوها بحثا اصوليّا بمقتضى التعريف المذكور من «أنّ قواعد الاصول هي ما أمكن حصول الاستنباط
__________________
(١) مصابيح الاصول ١ / ٢.