الكواكب من ثوابتها وسيّاراتها وسرعتها وبطؤها ومنظومتها ونسبة ما فيها مع بعضها وغير ذلك وإن لم يتمكّن من جميع الموارد عملا في ذلك الحين وعليه فالموضوع كلّيّ وإن لم يتمكّن الباحث إلّا من ملاحظة جهة خاصّة من جهات الأرض أو ملاحظة سيّارة من السيّارات فإنّ البحث عنهما من باب أنّهما مصداقان من ذين الكلّيّين اللذين كانا في كمون نفس الباحثين إذ الباحث عن العلوم ليس كالحاكم على منطقة حتّى يقتصر نظره إلى موضع خاصّ ولا يلتفت إلى سائر المناطق. كما أنّ اللغوى إذا وضع السراج لسراج خاصّ في عصره لم يجعله مخصوصا به ولذلك اطلق السراج إطلاقا حقيقيّا على كلّ سراج حادث وإلّا يحتاج في إطلاقه عليه إلى عناية وارتكاب مجاز. فمجرّد عدم تمكّن الباحث عن جميع موارد الموضوع العامّ لا يدلّ على عدم وجود الموضوع العامّ هذا مضافا إلى إمكان منع كون الجغرافيا علما لعدم بنائه على القواعد الكلّيّة بل هو العلم بالمناطق الشخصيّة الجزئيّة بحيث لا يعمّ غيرها فتأمّل.
وهكذا في الفقه لم يتصدّ الفقهاء لاستنباط حكم أشياء خاصّة معيّنة بل هم في صدد بيان أحكام جميع الموضوعات فالفقيه أراد استكشاف الأحكام الشرعيّة من التكليفيّة والوضعيّة. ثمّ إنّ قصورنا في تعريف الموضوع بالنسبة إلى بعض العلوم لا يكشف عن عدم وجود الموضوع أصلا للعلوم بل اللازم هو التعبير عنه بالكلّيّ الذي اتّحد مع موضوعات مسائله ثمّ السعي نحو استكشاف الموضوع على نحو يعمّ موضوعات جميع المسائل عدا ما لا يمكن إدراجه في الموضوع إلّا استطرادا فمثلا يمكن أن يقال في موضوع الفقه : أنّ الفقهاء يبحثون عن طبيعة أفعال المكلّف ويقولون بوجوبها وحرمتها واستحبابها وكراهتها وإباحتها. فالموضوع عندهم هو طبيعة الأفعال ويبحثون عن أحكامها.
وما ذكر من الضمانات والميراث والمطهّرات والنجاسات وسائر الأحكام