اختصاصه بمقام دون مقام وحال دون حال كشيوع استعمال لفظ باعتبار معناه الكلّيّ على أفراده ومصاديقه أو شيوع استعمال الأعلام كزيد في معناه فإنّه لا يختصّ بمقام دون مقام وحال دون حال. هذا بخلاف المجازات لاختصاصها ببعض المقامات ولذا خصّص في الدرر محاسن الكلام ورعاية الفصاحة والبلاغة بالخطب والأشعار ممّا يطلب فيها إعمال المحاسن الأدبيّة. (١)
وقال المحقّق الإيروانيّ : إنّ المجاز غير مطّرد مع حفظ جميع الخصوصيّات في جانب المستعمل فيه كاستعمال لفظ «الأسد» في «الرجل الشجاع» فإنّه يصحّ في مثل «جاءني أسد» ولا يصحّ في مثل «نام أسد» و «قام أسد» و «تزوّج أسد» إلى غير ذلك من التراكيب المستبشع فيها إطلاق لفظ «الأسد». (٢)
والحاصل أنّ معنى الاطّراد هو الشيوع وهو مختصّ بالاستعمال الحقيقيّ.
أورد عليه في المحاضرات بأنّه لا يمكن أن يكون المراد من الاطّراد هو تكرار الاستعمال وشيوعه ضرورة أنّه إذا صحّ الاستعمال فيه مرّة واحدة يصحّ فيه مرّات عديدة من دون فرق في ذلك بين الاستعمال الحقيقيّ والمجازيّ وعليه فالتكرّر والشيوع لا يختصّ بالاستعمال الحقيقيّ حتّى يكون علامة للحقيقة. (٣)
وفيه. أنّه إن كانت العلاقة في المجاز شخص العلاقة كشخص مشابهة «زيد الشجاع» بالأسد أو صنفها كمشابهة «الرجل الشجاع» بالأسد ، فلا اختصاص للاطّراد بالحقيقة لصحّة استعمال الأسد بالمعنيين من زيد الشجاع أو الرجل الشجاع في جميع المقامات المربوطة ولا اختصاص له بمقام دون مقام وصحّ ما أفاده في المحاضرات.
ولذا نمنع ما في نهاية النهاية من اختصاص حسن استعمال «الأسد» بقولنا «جاءني
__________________
(١) الدرر : ١ / ٤٤.
(٢) نهاية النهاية : ١ / ٢٧.
(٣) المحاضرات : ١ / ١٢١.