كان المعنى الكلّيّ كذلك فهو أمارة الحقيقة وإلّا فهو مجاز.
وعليه فالأولى هو تعريف الاطّراد بما افاده المحقّق الأصفهانيّ قدسسره من أنّه هو ما إذا اطلق لفظ باعتبار معنى كلّيّ على فرد يقطع بعدم كونه من حيث الفرديّة من المعاني الحقيقيّة لكنّه يشكّ أنّ ذلك الكلّيّ كذلك أم لا فإذا وجد صحّة الإطلاق مطّردا باعتبار ذلك الكلّيّ كشف عن كونه من المعاني الحقيقيّة لأنّ صحّة الاستعمال فيه وإطلاقه على أفراده مطّردا لا بدّ من أن تكون معلولة لأحد الأمرين إمّا الوضع وإمّا العلاقة وحيث لا اطّراد لأنواع العلائق المصحّحة للتجوّز ثبت الاستناد إلى الوضع فنفس الاطّراد دليل على الحقيقة وإن لم يعلم وجه الاستعمال على الحقيقة. كما أنّ عدم الاطّراد في غير مورد يكشف عن عدم الوضع له وإلّا لزم تخلّف المعلول عن العلّة لأنّ الوضع علّة صحّة الاستعمال مطّردا وهذه العلامة علامة قطعيّة لو ثبت عدم اطّراد علائق المجاز كما هو المعروف والمشاهد في جملة من الموارد. انتهى (١)
وهذا هو الذي جعله في تهذيب الاصول أحسن تقرير حيث قال : وقد قرّر بوجوه : أمتنها أنّه إذا اطّرد استعمال لفظ في أفراد كلّيّ بحيثيّة خاصّة كرجل باعتبار الرجوليّة في زيد وعمرو مع القطع بكونه غير موضوع لكلّ واحد على حدة استكشف منه وجود علاقة الوضع بينها وبين ذلك الكلّيّ وعلم أنّه موضوع للطبيعيّ من المعنى واحتمال كونها مجازا بالعلاقة مدفوع بعدم الاطّراد في علائق المجاز كما أنّ عدم الاطّراد يدلّ على عدم الوضع إذ معه يطّرد الاستعمال. (٢)
لا يقال : إنّ الاطّراد بمعنى انطباق المعنى على مصاديقه وأفراده غير صحيح وأجنبيّ عن الاستعمال بالكليّة لأنّه أمر قهريّ ولا يعقل أن يكون المعنى كلّيّا ومع ذلك لا ينطبق
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ / ٤٣.
(٢) تهذيب الاصول : ١ / ٦٠.