والدليل عليه هو بناء العقلاء على حجّيّة قول أهل الخبرة لا الانسداد إذ لا انسداد مع وجود الطرق الأخر ولا الخبر الواحد لتقييده بالعدالة والتعدّد اللهم إلّا أن يقال دليل اعتبار أخبار الآحاد هو بناء العقلاء والبناء ثابت على حجّيّة أخبار الثقات ولا ملزم لاعتبار العدالة كما أنّ أخبار الآحاد عند العقلاء حجّة ولو في الموضوعات ولا دليل على اعتبار التعدّد إلّا في بعض الأبواب كباب الشهادة والتمسّك بموثّقة مسعدة بن صدقة «الأشياء كلّها على ذلك حتّى تستبين أو تقوم بها البيّنة ... الحديث» لاعتبار التعدّد منظور فيه لاحتمال أن يكون المقصود من البيّنة هو معناها اللغويّ لا معناها الاصطلاحيّ فحينئذ لصحّ الاعتماد على أخبار الثقات ولكن الإشكال فيه أنّه ليس بنفسه علامة للحقيقة والمجاز بل يرجع إلى سائر العلائم كالتبادر عند المستعملين أو تنصيص الواضع أو غيرهما وعليه فلا يكون أخبار الثقات في عداد سائر العلائم هذا بخلاف ما إذا كان حجّيّته من باب كون من أهل الخبرة فإنّه حينئذ يكون في عداد سائر الطرق ولا حاجة إلى العدالة ولا إلى التعدّد في الرجوع إلى المتخصّص كما لا يخفى. ثمّ إنّ تنصيص أهل الخبرة حجّة تعيينيّة ما دام لم يعارضه قول مثله وإلّا فإن أمكن الجمع تعيّن وإلّا فإن كان التعارض بين النفي والإثبات تعيّن القول بالإثبات ما لم ينقضه الآخر بما يترجّح به عليه لأنّ مرجع الإثبات إلى الاطّلاع ومرجع النفي إلى عدم الاطّلاع غالبا وإلّا فالتعويل عند العقلاء على ما كان الظنّ معه أقوى كالمعتضد بالشهرة أو بأكثريّة اطّلاع نقلته أو حذاقتهم أو نحو ذلك.
أمّا ولو تعارض أقوال مهرة الفنّ من دون ترجيح لأحد المتعارضين على الآخر فالحكم هو التساقط كما هو القاعدة في تعارض الأمارات والطرق مع قطع النظر عن التعبّد الخاصّ بالأخذ بأحدهما كما في اخبار الثقات والعدول. اللهمّ إلّا أن يقال إنّ التساقط مع التعارض وعدم الترجيح فيما إذا كان المقصود من المراجعة إلى الأمارات والطرق هو إدراك الواقع لا الأخذ بالحجّة وإلّا فالحكم هو التخيير كما نقول به في