تعارض أقوال أصحاب الفتاوى وذلك للفرق بين أخبار العدول والثقات وبين الأخذ بالفتوى فإنّ المقصود في الأوّل هو الأخذ بجميعها لإدراك الواقع بخلاف الثاني فإنّ الاخذ بجميع الفتاوي ليس بواجب وإنّما الواجب هو الأخذ بفتوى واحد منهم لتحصيل الحجّة.
وهكذا نقول في المقام : إنّ المقصود من الرجوع إلى أهل الخبرة هو الأخذ بالحجّة وهي حاصلة بالأخذ بقول واحد منهم وليس المقصود هو الأخذ بأقوال جميع أهل الخبرة كما لا يخفى وعليه فمفاد أدلّة حجّيّة أقوال أهل الخبرة في اللغات هو الحجّيّة التخييريّة عند التعارض وعدم الترجيح.
ثمّ إنّ ظاهر الفصول هو تقييد جواز الرجوع إلى أهل الخبرة بما إذا لم يكن طريق آخر كالتبادر إلى معرفة حقايق الألفاظ ومجازاتها وإلّا فلا سبيل إلى التعويل فيه على النقل لأنّه في حكم التقليد مع التمكّن من الاجتهاد.
وفيه أنّ ذلك صحيح فيما إذا لم يتوقّف الاجتهاد على الفحص والتتبّع والمئونة وإلّا فيجوز الرجوع في المقام على قول أهل الخبرة كما يجوز لمن تمكّن من الاجتهاد أن يقلّد فيما لم يجتهد بداع من الدواعي.
ومنها الاستعمال المجرّد عن قرائن المجاز فإنّه شاهد على أنّ المستعمل فيه هو الحقيقة وإلّا لزم أن يكون الاستعمال المذكور غلطا وهو لا يناسب حكمة المستعمل (بكسر الميم).
وعليه فإذا راينا لفظا استعمل في المحاورات العرفيّة في معنى من دون ضمّ قرينة المجاز إليه كان ذلك شاهدا على أنّ معناه هو ذلك وحينئذ إن لم نحتمل النقل فنحكم بكونه موضوعا له وأمّا مع احتمال النقل فنحكم بذلك بضميمة أصالة عدم النقل.
ولا فرق فيما ذكر بين كون موارد الاستعمال متّحدا أو متعدّدا ونحكم في صورة التعدّد بالاشتراك اللفظيّ بين المعاني المتعدّدة.