ولا ضير في ذلك احتياج كلّ واحد إلى القرينة المعيّنة فإنّها ليست قرينة المجاز ولعلّ طريقة أئمّة اللغة ونقلة المعاني هي ذلك فعن ابن عباس الاستناد في معنى الفاطر إلى مجرّد الاستعمال وكذا عن الاصمعيّ في معنى «الدهاق» فكذا الحال فيمن عداهم فإنّهم لا زالوا يستشهدون في إثباتها إلى مجرّد الاستعمالات الواردة في الأشعار وكلمات العرب ويثبتون المعاني اللغويّة بذلك ولا زالوا ذلك ديدنا لهم من قدمائهم إلى متأخّريهم كما لا يخفى على من له أدنى خبرة بطريقتهم.
ولذلك لا مانع من أن يقال إنّ الأصل في الاستعمال هو الحقيقة فيما إذا لم يكن مصحوبا بقرينة من القرائن وعلائق المجازيّة وإليه مال العلّامة الشعرانيّ قدسسره في حاشية مجمع البيان.
وقد عرفت أنّ مقتضى الأصل المذكور هو الحقيقة من دون فرق بين كون موارد الاستعمال متّحده أو متعدّدة إذ ملاك الحمل على الحقيقة هو صون الكلام عن الغلطيّة وهو موجود في كلتا الصورتين فلا وجه لدعوى اختصاص الأصل المذكور بما إذا كانت موارد الاستعمال متّحدة كما في هداية المسترشدين.
والاستدلال لاختصاص الأصل المذكور بما إذا كانت موارد الاستعمال متّحدة بترجيح المجاز على الاشتراك خروج عن محلّ الكلام لأنّ المفروض فيما إذا لم يكن الاستعمال مصحوبا بقرينة من قرائن المجاز ودار الامر بين الاشتراك والغلط لخلوّ الاستعمال عن العلاقات المجازيّة فالاستعمال في المتعدّد مع خلوّه عن قرائن المجاز شاهد الاشتراك صونا لكلام الحكيم عن اللغويّة والغلطيّة.
ثمّ إنّ ذلك الأصل لا يكون مشروطا بالفحص والتتبّع عن موارد الاستعمال إلحاقا له بالخطاب الشرعيّ حيث إنّه لا يكون دليلا للفقيه إلّا بعد بذل الجهد والفحص عن المعارض.
وذلك لأنّ الاستعمال المجرّد عن العلاقات المجازيّة لا يحتاج في شهادته على كون