ولعلّ إليه يؤول ما في نهاية الدراية من أنّ ظنّى أنّ وضع الأعلام على حدّ ما ذكرناه سابقا من الوضع لهذه الهويّة الممتازة عن سائر الهويّات مع الإبهام من سائر الجهات. (١)
وممّا ذكر يظهر ما في الكفاية من أنّ الأعلام إنّما تكون موضوعة للأشخاص والتشخّص إنّما يكون بالوجود الخاصّ ويكون الشخص حقيقة باقيا ما دام وجوده باقيا وإن تغيّرت عوارضه من الزيادة والنقصان وغيرهما من الحالات والكيفيّات فكما لا يضرّ اختلافها في التشخّص (الشخص) لا يضرّ اختلافها في التسمية وهذا بخلاف مثل ألفاظ العبادات ممّا كانت موضوعة للمركّبات والمقيّدات. ولا يكاد يكون موضوعا له إلّا ما كان جامعا لشتاتها وحاويا لمتفرّقاتها كما عرفت في الصحيح منها. (٢)
وفيه أنّه إن أراد أنّ الوجود الخارجيّ المتعيّن الخاصّ موضوع له للأعلام ففيه أنّ بالتغيير وتبدّل الحال لا بقاء للموضوع له مع أنّا نرى بقاء الموضوع له في أيّ تقدير وحال وإن أريد أنّ الوجود الخارجيّ المبهم هو الموضوع له ففيه أنّ الخارجيّات متعيّنات فلا وجود للمبهم في الخارج فلا بدّ من أن يقال أنّ الهويّة المتشخصة والماهيّة المتعيّنة عن سائر الهويّات مع الإبهام من سائر الجهات هي الموضوع له وهي صادقة في جميع الحالات وأنحاء الوجودات من الوجود الخارجيّ والذهنيّ والبرزخيّ وسرّ ذلك هو أنّ أخذ الإبهام فيها وأخذ الإبهام في الماهيّات الذهنيّة لا محذور فيه وتشبيه ألفاظ العبادات مع صدقها في جميع الحالات بالأعلام لا بأس به لأخذ الإبهام في كليهما كما لا يخفى.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٦٦.
(٢) الكفاية ١ / ٤٠.