الألفاظ الموضوعة للماهيّات المخترعة. (١)
وفيه أنّ مع تسليم عدم الإطلاق في الأدلّة العامّة في المخترعات الشرعيّة كيف يمكن التمسّك بإطلاق الأدلّة العامّة بعد ورود إطلاقات في ناحية الأجزاء بل الصحيح هو ما ذكرناه من جواز التمسّك بإطلاق ما ورد في ناحية الأجزاء كما لا يخفى. نعم لو أراد إمكان ورود أدلّة عامّة تشتمل على ألفاظ العبادات لبيان أمر كالاقتداء أو حكم آخر بعد بيان حقيقة العبادة لصحّ ما أفاده ، نحو ما ورد في جواز اقتداء أحد المجتهدين على الآخر مع العلم بفساد صلاته فإنّه يمكن للأعمّىّ الحكم بصحّته قضاء لإطلاق الصلاة على صلاة الإمام ولو مع العلم بفسادها أو نحو ما ورد في جواز صلاة الرّجل وعدمه مع تقدّم المرأة في الصلاة فإنّه على الأعمّ تكون صلاة الرجل خلف امرأة تصلّي منهيّة عنها بما ورد من أنّه لا تصلّ خلف امرأة تصلّي ولو مع العلم بالفساد بخلاف الصّحيحي فإنّ صلاة الرجل ليست بمنهيّة لو علم بفساد صلاة المرأة.
بل يمكن القول بوجود الإطلاق في الأدلّة العامّة الأوّليّة في المخترعات الشرعيّة إذا كانت لها سابقة في الامم السابقة كالصوم فإنّ العبادة كالصوم حينئذ يكون كالمعاملات الرائجة في الأقوام والملل فكما أنّ للأدلّة العامّة في المعاملات إطلاقا إمضائيّا ، فكذلك يكون للأدلّة العامّة الواردة في هذه العبادات إطلاق إمضائيّ. وإن زاد أو نقص فيها بحسب الشرع الإسلام. فيجوز التمسّك بالإطلاق المذكور الفاقد لما يشكّ في جزئيّته أو شرطيّته. ولذلك قال في المحاضرات : فإنّ من الآيات الكريمة ما ورد في الكتاب وهو في مقام البيان كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ). فالمفهوم من كلمة الصيام عرفا كفّ النّفس عن الأكل والشرب وهو معناه اللغويّ فالصيام بهذا المعنى كان ثابتا في سائر الشرائع والأديان بقرينة قوله تعالى :
__________________
(١) منتهى الاصول ١ / ٦٤ ـ ٦٥.