(كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ). حيث لم يعتبر فيه سوى الكفّ عن الأكل والشرب عند تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود. نعم إنّ ذلك يختلف كيفيّة باختلاف الشرائع ولكن كلّ ذلك الاختلاف يرجع إلى الخارج عن ماهيّة الصيام بل قد يعتبر فيه كما في شرع الإسلام الكفّ عن عدّة امور آخر أيضا كالجماع والارتماس في الماء والكذب على الله تعالى وعلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى الأئمّة الأطهار عليهمالسلام وإن لم يكن الكفّ عنها معتبرا في بقيّة الشرائع والأديان. وعلى ذلك فلو شككنا في اعتبار شيء في هذه الماهيّة قيدا وعدم اعتباره كذلك فلا مانع من أن يرجع إلى إطلاق قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) ... الآية. وبه يثبت عدم اعتباره. فحال الآية المباركة حال قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ). تجارة عن تراض. وما شاكلهما فكما أنّه لا مانع من التمسّك بإطلاقها في باب المعاملات عند الشكّ في اعتبار شيء فيها فكذلك لا مانع من التمسّك بإطلاق هذه الآية المباركة في باب الصوم عند الشكّ في دخل شيء في صحّته شرعا. (١)
نعم لو حصل من كثرة استعمال ألفاظ المخترعات الشرعيّة التي لها سابقة في الامم السابقة في المرادات الشرعيّة الإسلاميّة انس اللفظ بحيث يظهر لفظ العبادة في المرادات الشرعيّة عندنا فلا مجال للتمسّك بالإطلاق في دفع الشكّ عمّا يحتمل دخله في المرادات الشرعيّة عندنا بناء على قول الصحيحيّ لأول الشكّ المذكور إلى الشكّ في المقوّم كما لا مجال للأخذ بالإطلاق بناء على قول الأعمّيّ لإجمال الأدلّة العامّة في المخترعات الشرعيّة عندنا.
وثانيا : بما في المحاضرات من أنّ الضابط للمسألة الاصوليّة إمكان وقوعها في
__________________
(١) المحاضرات ١ / ١٧٩.