فلأنّه أيضا مثل الحقيقة في أنّه لا يجوز التعدّي عمّا حصل الرخصة فيه من العرب بحسب نوعه ولم يثبت الرخصة منهم في هذا النوع من الاستعمال وعليه فالاستعمال في الأكثر غلط.
وفيه أوّلا : أنّه لا وجه لدعوى اعتبار الوحدة في الموضوع له لأنّ ما وضع له اللفظ هو ذوات المعاني ولا مدخليّة لشيء آخر من الأوصاف ذاتيّة كانت أو غير ذاتيّة فالإنسان مثلا موضوع للحيوان الناطق ولا مدخليّة لكلّيّته وغيرها من الأوصاف الذاتيّة وغير الذاتيّة في المعنى. ولذا قال المحقّق الأصفهانيّ قدسسره : المتبادر من مسمّيات الألفاظ نفس معانيها حتّى أنّ أوصافها الذاتيّة غير ملحوظة بلحاظها ولا متبادرة بتبادرها. انتهى (١) وعليه فلا يكون المعنى متقيّدا بالوحدة بالمعنى الاسميّ بحسب وضع الواضع ، كما أنّ الوحدة بنحو القضيّة الحينيّة كوضع الواضع اللفظ للمعنى في حال الانفراد كما عن المحقّق القميّ في القوانين فهي أيضا لا تقتضي عدم جواز استعمال اللفظ في غير حال الانفراد ما دام لم تكن الوحدة ولو بالنحو المذكور مأخوذة في الموضوع له فإذا تعدّد الوضع فلا مانع من أن يستعمل اللفظ في المعنيين بعد كون الوضع متعدّدا كما إذا وضع أوّلا لفظ زيد لا بن عليّ ثمّ وضعه بوضع آخر لا بن الحسين. فاستعمال لفظ زيد في كلّ منهما استعمال اللفظ في نفس ما وضع له اللفظ. نعم لو استعمل في مجموع الزيدين بما هو مجموع استعمل في غير ما وضع له ولذا قال في الدرر : فكون الموضوع له في حال الوحدة لا يقتضي إلّا عدم كون المعنى الآخر موضوعا له بهذا الوضع ويتبعه عدم صحّة الاستعمال فيه بملاحظة هذا الوضع ولا يوجب ذلك عدم وضع آخر له ولا عدم صحّة استعماله بملاحظة ذلك الوضع الآخر. (٢)
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٩٠.
(٢) الدرر ١ / ٥٧.