وثانيا : أنّه لا دليل على مراعاة خصوصيّات عمل الواضع لأنّ اللازم هو تبعيّة الواضع في مجعولاته لا في خصوصيّات عمله. فلو كان الواضع حال الوضع قائما لا يجب القيام حال الاستعمال بعد عدم أخذه في المعنى وهكذا. ولذا قال المحقّق الأصفهانيّ قدسسره : وأمّا خصوصيّات الوضع أعني عمل الواضع فغير لازمة المراعاة لوضوح أنّ متابعة كلّ جعل من كلّ جاعل إنّما هي بملاحظة مجعوله لا بملاحظة نفس جعله إذ ليس للجعل جعل آخر. (١)
لا يقال : توقيفيّة الوضع توجب توقيفيّة الاستعمال.
لأنّا نقول : لا حاجة في الاستعمال إلى ترخيص الواضع بعد كون الموضوع له طبيعة المعنى ، لا بشرط الوحدة وكون المستعمل فيه أيضا كذلك.
وأضعف من ذلك توهّم منع الواضع عن ذلك. ضرورة أنّ كلّ أحد لو راجع نفسه حين كونه واضعا للفظ زيد بإزاء ولده يجد أنّه ليس مانعا من استعمال ذلك اللفظ في غيره ومنعه بعد الوضع لو فرض لا عبرة به ما لم يرجع عن وضعه كما لا يخفى.
وثالثا : كما في بدائع الأفكار أنّه لا مانع من صحّة الاستعمال بنحو المجاز ولو على القول بالقضيّة الحينيّة في اعتبار قيد الوحدة فإنّ استعمال اللفظ في المعنى ولو على خلاف الوضع وإن كان في نفس الموضوع له لا مانع من صحّته كما في صورة استعماله في غير ما وضع له بلحاظ العلاقة فإنّ جميع ذلك ممّا يستحسنه الطبع ولا يفتقر إلى ترخيص الواضع. (٢) وعليه فلا مجال لدعوى عدم صحّة الاستعمال في الأزيد لا حقيقة ولا مجازا.
فتحصّل أنّ الاستعمال في الأزيد استعمال حقيقيّ لعدم مدخليّة الوحدة في المعنى لا
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٩١.
(٢) بدائع الأفكار ١ / ١٥١.