لا تشرب الخمر والمثال المذكور أي لا تكرم الفاسق وعليه فتقيد الإطلاق البدليّ مقدم على تقيّد الشموليّ وإن كان كلاهما بمقدّمات الحكمة. لأنّ جريان مقدّمات الحكمة في الإطلاق البدليّ مشروط بشرط وهو تساوي أقدام الأفراد بخلاف الجريان في الإطلاق الشموليّ فإنّه ليس مشروطا بشرط لأنّ الإطلاق الشموليّ عبارة عن تعلّق الحكم بوجود الطبيعة السارية وهذا المقدار مشترك بين العامّ الاستغراقيّ والإطلاق الشموليّ.
فالعامّ الاصوليّ مقدّم في جميع الصور على الإطلاق سواء كان شموليّا أو بدليّا كما أنّ الإطلاق الشموليّ مقدّم على الإطلاق البدليّ إذا دار الأمر بينهما.
يمكن أن يقال أوّلا إنّ المعتبر في تحقّق الإطلاق والظهور الاستعماليّ هو عدم البيان المتّصل لا الاعم منه ومن المنفصل إذ مع الاتّصال لا ينعقد الظهور فيتقيّد انعقاد الظهور بعدم البيان أو القرينة هذا بخلاف البيان المنفصل فإنّ ظهور كلّ منعقد فيدور الأمر بين الظهورين ويتقدّم الأقوى منهما إن كان وإلّا فيتعارضان ولعلّ منشأ ذلك هو توقّف الإرادة الجدّيّة على الفحص والتتبّع وملاحظة القيود ولكن ذلك لا ينافي انعقاد الظهور الاستعماليّ قبل الفحص والتتبّع كما لا يخفى.
وثانيا إنّ التفرقة بين الإطلاق البدليّ والإطلاق الشموليّ مع تقيّد كلّ واحد منهما بعدم جريان مقدّمات الحكمة كما ترى لمساواتهما في ملاحظة الشرط المذكور وعدمه.
وثالثا أنّ التقييد والتخصيص ليسا عند المتأخّرين من أحوال الألفاظ إذ لا يلزم من تقييد المطلق أو تخصيص العامّ مجاز في الكلمة لأنّ التصرّف في ناحية المراد لا المستعمل فيه كما حقّقه سلطان العلماء قدسسره وعليه فعدّهما من أحوال الألفاظ مسامحة.
وعلى فرض التسامح لا يختصّ الدوران بهما لإمكان الدوران أيضا بين التخصيصين كما إذا كان المتعارضان عاميّن من وجه فالتصرّف في كلّ طرف تخصيص فحينئذ لا ترجيح لأحدهما على الآخر إلّا إذا كان فيه أمر يوجب قوّة الظهور بالنسبة إلى الآخر