إفنائه فيه منفردا لا مجال لإفنائه في غيره من المعاني أو يقال مقتضى الإفناء هو كون لحاظه تبعا للحاظ المفنيّ فيه فإذا استعمل في المعنيين المفنيين فيهما لزم اجتماع اللحاظين الآليّين في اللفظ الواحد بالتبع مع إمكان منع الملازمة بما في تهذيب الاصول من أنّ المنظور من التبعيّة إن كان أنّ المتكلّم يتصوّر المعنى ويتبعه الانتقال إلى اللفظ فلا يجب من تصوّر المعنيين عرضا انتقالان إلى اللفظ بل لا ينتقل إليه إلّا انتقالا واحدا كما هو كذلك في الانتقال من اللازمين إلى ملزوم واحد ... إلى أن قال : وإن كان المراد اجتماع اللحاظين في السماع فلا نسلّم لزومه لأنّ السامع ينتقل من اللفظ إلى المعنى وإن كان اللفظ آلة فيكون لحاظ المعنى تبعا للحاظ اللفظ وسماعه كما أنّ الناظر إلى الكتابة يدرك نقش المكتوب أوّلا فينتقل منه إلى المعنى فحينئذ إذا كان اللفظ دالّا على معنيين انتقل منه إليهما من غير لزوم محذور أبدا وبالجملة لا يلزم من تبعيّة الانتقال جمع اللحاظين والانتقالين في اللفظ كما لا يلزم اجتماعهما في المعنى إذا سمعنا اللفظ من متكلّمين دفعة. (١) وإن لا يخلو منع الملازمة مع تسلّم الإفناء عن كلام ونظر فليتأمّل.
إن قلت : إنّ استعمال اللفظ ولو من باب الدلالة والعلامة أيضا لا يخلو عن اللحاظ الآليّ فمع استعماله في الأكثر يستلزم اجتماع اللحاظين الآليّين في اللفظ الواحد لأنّ الاستعمال متقوّم بلحاظ اللفظ والمعنى لامتناع الاستعمال مع الذهول عن واحد منهما فإذا استعمل اللفظ في المعنيين لزم لحاظ اللفظ مرّتين وهكذا واجتماع اللحاظين في اللفظ الواحد يوجب تعدّد الواحد أو وحدة الاثنين وكلاهما محال.
قلت : كما في تهذيب الاصول ما يكون لازم الاستعمال هو ملحوظيّة اللفظ والمعنى وعدم كونهما مغفولا عنهما حاله وأمّا لزوم لحاظه في كلّ استعمال لحاظا على حدة فلم يقم عليه دليل ولا هو لازم الاستعمال ألا ترى أنّ قوى النفس كالباصرة والسامعة
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ / ٩٥ ـ ٩٦.