فأدخل الهاء توكيدا وهو يريد الترخيم ، فحركها بحركة ما قبلها.
ولو لم ينو إقحامها لبناها على الضم. وذكر أن هذه الأشياء حدثت في النداء لكثرته في كلامهم ، ولأنه أول الكلام. ومعنى هذا أن المتكلم إذا تكلم ، فلا بد من مخاطب يخاطبه بكلامه الذي تكلم به ، فيقول له يا فلان كان من الأمر كذا وكذا ، وإن كان المخاطب مقبلا عليه جاز أن يدع يا فلان.
ثم ذكر أنهم يحذفون في النداء ، وربما ألحقوا الهاء في أمهات والذي ألحقوا فيه قولهم : يا أبت ويا أمة.
ومما استشهد به في هذا الباب قول بعض ولد جرير ، ويروى لعبد الله بن رواحة.
* يا زيد زيد اليعملات الذبل (١)
وقد تقدم القول في مثله ، وواحد اليعملات : يعملة ، وهي الناقة القوية على العمل.
والذبل : الضامرة المتغيرة بطول السفر.
هذا باب إضافة المنادى إلى نفسك
اعتمد سيبويه في إسقاط الياء من المنادى ، على أن الياء بدل من التنوين ، لأن الاسم مضاف إليها ، وأنها لا معنى لها ، ولا تقوم بنفسها إلا أن توصل بالمضاف ، كما أن التنوين لا يقوم بنفسه حتى يكون في الاسم. وتمام هذا الاعتلال أن يقال : إن الياء إذا حذفت دلت الكسرة عليها ، والدليل على هذا أنا لو قلنا :
يا غلامنا ، لو يجر حذف" نا".
وذكر أن العرب تقول : " يا رب .. ويا قوم" على تقدير يأيها الرب ، ويأيها القوم ، وإن كانوا يريدون : يا رب ويا قوم ، وإنما يفعلون هذا في الأسماء التي الغالب عليها الإضافة ، فإذا لم يضيفوها إلى ظاهر أو إلى غير المتكلم ، علم أنه مضاف إلى المتكلم والمتكلم أولى لأن اسمه هو" الياء" فحذف.
وأنشد في ما أثبت فيه" الياء" لعبد الله بن الأعلى القرشي :
* وكنت إذ كنت إلهي وحدكا |
|
لم يك شيء يا إلهي قبلكا (٢) |
وذكر سيبويه قبل البيت أن أبا عمرو قرأ : (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر : ١٦].
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣١٥ ، الكامل ٣ / ٢١٧ ، المقتضب ٤ / ٢٣٠ ، شرح النحاس ٢٢١ ، شرح السيرافي ٣ / ٤٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٢٧ ، المنصف ٣ / ١٦ ، شرح المفصل ٢ / ١٠ ، مغني اللبيب ٢ / ٥٩٦ ، شرح ابن عقيل ٣ / ٢٧٢ ، شرح شواهد المغني ١ / ٤٣٣ ، ٢ / ٨٥٤ ، الهمع ٢ / ١٢٢ ، الخزانة ٢ / ٣٠٣ ، المقاصد النحوية ٤ / ٢٢١.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣١٦.