وأنشد سيبويه في ما يكون لفظه واحدا ومعناه جمع قول علقمة :
* بها جيف الحسرى فأما عظامها |
|
فبيض وأما جلدها فصليب (١) |
وقال آخر :
* ولا تنكر القتل وقد سبينا |
|
في حلقكم عظم وقد شجينا (٢) |
أراد علقمة وأما جلودها ، فاكتفى بالواحد عن الجمع.
وصف فلاة قطعها وذكر بعدها فقال بها جيف الحسرى ، أي جيف الإبل المعيبة التي تركت في الفلاة لبعدها ، فأما عظامها فبيض ، أي : قد تفصلت عنها وظهرت من اللحم وأكلت الطيور والسباع ما عليها ، وأما جلودها فقد سال ودكها عنها بوقوع الشمس وإحمائها عليها.
وأراد في البيت الثاني حلوقكم عظم ، وكان هؤلاء قوما سبوا من عشيرة هذا الشاعر ، وباعوا ما سبوا منهم ثم شاب لعشيرة هذا الشاعر ظفر بمن سبي منهم فقتلوا منهم ، فقال شاعرهم وهو المسيب بن زيد مناة الغنوي من القبيلة التي عاقبت وقتلت ، يخاطب الآخرين الذين سبوا منهم لا تنكروا القتل وقد سبينا.
وقوله شجينا ، أي شجينا نحن وفي حلقكم عظم ، وهذا مثل ، كأنه يقول : قد غصصتم بشدة ما نزل بكم ، كأنه في حلوقكم عظاما لا تنزل ولا تخرج ، ومعنى شجينا : أي غصصنا نحن كما غصصتم أنتم بما أصابنا قبلكم من السبي.
وأنشد :
* كلوا في بعض بطنكم تعفوا |
|
فإن زمانكم زمن خميص (٣) |
أراد في بعض بطونكم.
ومعنى البيت أنهم في زمن مجاعة فيأمرهم أن يأكلوا بعض الشبع ، فإن
الزمان فيه جدوبة.
باب استعمال الفعل في اللفظ لا ف
ي المعنى لاتساعهم في الكلام والإيجاز والاختصار
اشتمل هذا الفصل الذي في صدر الباب على أشياء تحتاج إلى تفسير.
ـ اعلم أن في الظروف ما يجوز أن يستعمل اسما كزيد وعمرو وكقولك :
صمت اليوم على مثل : ضربت زيدا.
__________________
(١) ديوانه ١٠٩ ، المفضليات ٣٩٤ ، المقتضب ٢ / ١٧٠ ، الخزانة ٧ / ٥٥٩.
(٢) شرح الأعلم ١ / ١٠٧ ، المقتضب ٢ / ١٧٠ ، شرح النحاس ٧٢.
(٣) شرح الأعلم ١ / ١٠٨ ، الكتاب ٢ / ٢١٠ ، المقتضب ٢ / ١٧٠.