فعلوا ذلك في مصدر : أفعلت واستفعلت ، وإنما يريد أن المصدر اسم ، والأسماء أخف من الأفعال وأحمل للزيادة.
قال : " وأمّا فاعلت فإنّ مصدره : مفاعلة ، جعلوا الميم عوضا من الألف التي بعد أول حرف منه ، والهاء عوض من الألف التي قبل آخر حرف منه.
كلام سيبويه في هذا مختل ، وقد أنكر ، وذلك أنّه جعل الميم عوضا من الألف التي بعد أول حرف منه وذلك غلط ؛ لأن الألف من فاعل ثانية في مفاعلة ، فكيف تكون الميم عوضا من الألف والألف لم تذهب؟
والجيد في هذا ما وقع في نسخة مبرمان ، وهو أن هذه المصادر جاءت مخالفة الأصل كفعلت ، وذلك أن مصدره يجيء مخالفا لما يوجبه قياس الفعل وتزاد في أوله الميم كما يقال : ضربته مضربا ، وشربته مشربا ، وقد يزاد فيه مع الميم الهاء ، كما يقال : المرحمة ، وألزموا الهاء في هذا لما ذكره من تعويض الألف ـ فاعرفه.
هذا باب ما جاء المصدر فيه على غير الفعل
كلام في هذا الباب مفهوم.
ومما استشهد به قول القطامي :
* وخير الأمر ما استقبلت منه |
|
وليس بأن تتبّعه اتّباعا (١) |
فقال : اتباع ، لأن : تتبّعت واتّبعت واحد في المعنى.
وأنشد لرؤبة :
* وقد تطوّيت انطواء الحضب
فقال : انطواء ؛ لأن تطوّيت وانطويت واحد. والحضب : الحيّة.
هذا باب ما لحقته هاء التّأنيث عوضا لما ذهب
أجاز سيبويه أن لا تدخل الهاء عوضا ، واحتج بقوله عز وجل : (وَإِقامَ الصَّلاةِ) [الأنبياء : ٧٣]. ولم يفصل بين المضاف وغيره.
وذكر الفراء أن الهاء لا تسقط إلّا مما كان مضافا والإضافة عوض منها.
وأنشد :
* إن الخليط أجدّوا البين فانجردوا |
|
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا |
أراد : عدة الأمر ، وحذف الهاء من أجل الإضافة.
فأجاز سيبويه أقمته إقاما ، ولم يجزه الفراء.
__________________
(١) ديوانه ٤٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٢٤٤ ، المقتضب ٣ / ٢٠٥ ، شرح السيرافي ٦ / ١٤٦ ، شرح ابن السيرافي ٢ / ٣٣٢ ، الخصائص ٢ / ٣٠٩ ، شرح المفصل ١ / ١١١ ، الخزانة ٢ / ٣٦٩ ، اللسان تبع ٨ / ٢٧.