واستدل على ذلك بقول العرب من أهل الحجاز : " لا رجل أفضل منك".
ومعنى استدلاله بهذا : أن بني تميم كأنهم يقولون : " لا رجل" ، ويسكتون عن إظهار الخبر ، فاحتج بلغة أهل الحجاز ، لأنهم يظهرون الخبر.
وذكر مبرمان عن المبرد أنه زعم أن" لا" تعمل نصبا ورفعا ، كما تعمل" أن" وقد يجوز في" لا أحد أفضل منك" أن يكون رفعا" بلا" ويجوز أن يكون رفعا بخبر الابتداء ، لأن" لا" وما بعدها في موضع النداء.
هذا باب المنفي المضاف بلام الإضافة
اعلم أنه إذا كان بعد الاسم المنفي لام الإضافة ففي الاسم الأول وجهان :
أحدهما : أن يبني الاسم الأول مع" لا" وتكون اللام في موضع النعت للاسم ، أو في موضع الخبر ، وهذا هو الأصل والقياس ، كقولك : لا غلام لك ، ولا أب لزيد.
والوجه الآخر : أن يكون لفظ الاسم الأول ، كلفظ الاسم المضاف ، و" لا" عاملة فيه غير مبنية معه ، كقولك : لا أبا لزيد ولا أخا لك.
فعلم بثبات الألف في" أبا" و" أخا" أنهما مضافان ، إذا كانت هذه الألف لا تثبت إلا في الإضافة ، وزيادة اللام شاذة ولا تزاد إلا في" لا" والنداء كقولك :
* يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام
وأخرجه سيبويه عن القياس ، وذكر الأشياء الشاذة ليؤنس بشذوذه ، وأصل هذا عنده ، أن الإضافة كما لا تعرف إضافة" مثل" إلى" زيد" في قولك : لا مثل زيد ، فالأصل عنده في لا أبا لك : لا أباك.
وأنشد غيره :
* وقد مات شماخ ومات مزرد |
|
وأي كريم لا أباك يخلد (١) |
وقال الآخر :
* أبالموت الذي لا بد أني |
|
ملاق ولا أباك تخوفيني؟ |
فأدخلوا اللام بين المضاف والمضاف إليه توكيدا لأن الإضافة بمعنى اللام ، كما أدخلوا" تيم" الثاني بين" تيم" الأول وبين" عدي" ، وكما ردوا الهاء في" طلحة" بعد الترخيم ، وزادوا اللام في : " يا بؤس للحرب".
وشبه باب النفي بباب النداء لما وقع فيهما من التغيير وحذف للتنوين.
ومعنى قوله سيبويه في الاحتجاج على يونس : " وقد يفرق بين الذي يحسن عليه
__________________
(١) الكتاب ١ / ٣٤٦.