ولم يثبت أبو عمرو ههنا الياء ، إنما أثبتها في الزخرف في قوله (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ) [الزخرف : ٦٨].
وذكر في الباب قول العرب" يا أبت ويا أمت ، وأنه مما خص به النداء ، ولحقت هذه الهاء للتأنيث كما لحقت في قائمة وذاهبة.
فأما لحاقها بالأم ، فلأنها مؤنثة لحقها ما يلحق المؤنث لتحقيق التأنيث. وأما" أب" : فإنه لما حذفت ياء الإضافة جعلت هذه الياء عوضا ، ولا يجوز دخول الهاء في مثل عم وخال ، لأن عما له مؤنث من لفظه ، وأب : كان الأصل في مؤنثه أبة ، فاستغني عن أبة بأم ، فصار لفظ المؤنث ساقطا ، فإذا أدخلت هاء التأنيث في أب. لم يلتبس ، ولو أدخلتها في عم لالتبس لأن له من لفظه مؤنثا.
ومثل سيبويه دخول التاء في هذا عوضا ، بقولهم : " أينق" وذلك أن الأصل فيها" أنوق" لأنه جمع ناقة فاستثقلوا الضمة على الواو فأسقطوها ، وعوضوا منها الياء ، ومنهم من يقول : " أونق" فيقدم الواو إلى موضع تسكن فيه فتخف ، ومنهم من يقول : " أنوق" فيأتي بها على الأصل ولا يبالي بثقلها.
هذا باب ما تضيف إليه ويكون مضافا
إليك قبل المضاف إليه وتثبت فيه الياء لأنه غير منادى ...
وذلك قولك : يا ابن أخي ويا ابن أمي
قال أبو زبيد الطائي :
* يا ابن أمي ويا شقيق نفسي |
|
أنت خليتني لدهر شديد (١) |
فأثبت الياء في الأم وفي النفس لأنهما في موضع يثبت فيه التنوين كما تقول : يا ابن زيد ، ويا صاحب عمرو ، وكذلك إذا قلت : أي ابن أمي ويا ابن عمي فالقياس فيها إثبات الياء إلا أن العرب اختلفت فيه ، فمنهم من يجريه على القياس ، ومنهم من يجعله كالمنادى المضاف إلى المتكلم ، فيحذف الياء ويكتفي بالكسرة منها ، ومنهم من يبنيه على الفتح ويتبع آخره أوله على ما تقدم. ومنهم من يجعل الياء ألفا كقول أبي النجم :
* يا ابنة عما لا تلومي واهجعي (٢)
وإنما فعلوا هذا بهذين الاسمين لكثرة الاستعمال ، ألا ترى أن الرجل يقول لمن لا
__________________
(١) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٣١٨ ، المقتضب ٤ / ٢٥٠ ، شرح النحاس ٢٢٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٥٠ ، شرح المفصل ٢ / ١٢ ، الهمع ٢ / ٥٤ ، حاشية الصبان ٣ / ١٥٧ ، المقاصد النحوية ٤ / ٢٢٢.
(٢) الكتاب وشرح الأعلم ٣١٨ ، نوادر أبي زيد ١٩ ، المقتضب ١٤ / ٢٥٢ ، شرح النحاس ٢٢٢ ، شرح السيرافي ٣ / ٥٠ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٤٤٠ ، اللسان (لوم) ١٢ / ٥٦١.