ـ ويحتمل أن يكون أراد الحركتين.
فإن كان أراد الكلمتين ، فهو نحو : دار وثوب ، وما أشبه ذلك مما يخالف بعضه بعضا في اللفظ والمعنى.
وإن كان أراد الحركتين : فهو كقولك : ما أحسن زيدا! في التعجب.
وما أحسن زيد في النفي ، وما أحسن زيد في الاستفهام.
وكذلك : ضرب زيد عمرا. اختلف حركتاهما لاختلاف معناهما ، وتجري باقي الباب على القياس.
فإن قال قائل : لم أتى سيبويه بهذا الباب؟ وما الفائدة فيه من طريق الإعراب؟
فالجواب عن أبي العباس أنه أجاب عن هذا بأن قال : أراد سيبويه باختلاف اللفظين: اختلاف الكلمتين ، وجعل هذا دليلا على اختلاف الإعرابين لاختلاف المعنيين.
وقال غيره : الذي قصد إليه سيبويه أنه أراد الإبانة عن هذا المعنى بعينه لا أن جعله دليلا على سوى هذا ، وذلك أن في الناس من يزعم أنه لا يجيء لفظان مختلفان إلا ومعناهما مختلف. فأراد سيبويه إبانة مذهب العرب ، وجعلهم اللفظين المختلفين لمعنى واحد ، واللفظين المتفقين للمعنيين المختلفين.
باب ما يكون في اللفظ من الأعراض
قوله : «من الأعراض»
يعني : ما يعرف في اللفظ فيجيء على غير ما ينبغي أن يكون عليه من قياس.
وقوله : «اعلم أنهم مما يحذفون من الكلام».
معناه : ربما يحذفون ، وهو يستعمل هذه الكلمة كثيرا في كتابه ، وهي مشهورة في كلام العرب.
وقوله فيما عوضوا فيه : «اسطاع يسطيع».
اعلم أن فيه أربع لغات :
ـ أسطاع يسطيع إسطاعة بقطع الألف.
ـ واستطاع يستطيع استطاعة بوصل الألف.
ـ واسطاع يسطيع اسطاعة.
ـ واستاع يستيع استاعة بوصل الألف فيهما.
ومعنى الجميع : القدرة على الشيء.
واشتقاقه من الطاعة ؛ لأنك إذا استطعت الشيء وقدرت عليه ، فالشيء منقاد لك.
فكأنه مطيع.