تأكلهم الضبع» والضبع ههنا السنة الشديدة.
قال : «ومثل ذلك قولهم : «إما لا» الأصل فيه أن الرجل قد يمتنع من أشياء يلزمه أن يفعلها ويسومه إياها سائم ، فيقنع منها بالبعض فيقول له «إما لا» على معنى إن كنت لا تفعل غير هذا فافعل هذا ، ثم زيدت ما كما تزاد في حرف الجزاء ثم حذف الفعل لكثرة هذا في كلامهم وصار «إما» مع «لا» كالشيء الواحد عندهم.
وقولهم : آثرا ما معناها من قولك آثرا أن تفعل كذا وأنت تريد افعل هذا أول شيء أي أول ما يؤثر يقدم في الفعل.
قال : «ومن ذلك قولهم : مرحبا وأهلا. وإن تأتني فأهل الليل وأهل النهار».
وتقدير الناصب في هذا : أتيت رحبا وأهلا وإن تأتني فتأتي أهل الليل ، وأهل النهار ، على معنى أنك تأتي من يكون لك كالأهل بالليل والنهار.
وقد قدره سيبويه برحبت بلادك وأهلت ، وهذا التقدير إنما قدره بفعل ؛ لأن الدعاء إنما يكون بالفعل ، فقدره بفعل من لفظ الشيء المدعو به وإن لم يكن المعنى على ذلك ، ألا ترى أن الإنسان الزائر إذا قال له المزور : مرحبا وأهلا ، فليس يريد : رحبت بلادك وأهلت ، إنما يريد ، أصبت رحبا وسعة وأنسا ؛ لأن الإنسان إنما يأتي بأهله ومن يألفه.
قال : «ومنهم من يرفع فيقول : أهل ومرحب. وأنشد :
* وبالسهب ميمون النقيبة قوله |
|
لملتمس المعروف : أهل ومرحب (١) |
أي : هذا أهل ومرحب.
وحقيقته : هذا أهل مثل أهلك.
والسهب : موضع مستمر. يصف أنه بذلك الموضع رجل ميمون النقيبة ، والنقيبة : الخليفة.
وأنشد أيضا :
* إذا جيت بوابا قال : مرحبا |
|
ألا مرحب واديك غير مضيق (٢) |
كأنه قال : ألا مرحب ، أو لك مرحب ، ولو نصب أيضا لجاز.
هذا باب ما يظهر فيه الفعل وينتصب الاسم لأنه مفعول
معه ومفعول به ...
وذلك قولك : ما صنعت وأباك ... ومثل ذلك : ما زلت وزيدا حتى فعل.
وقال الشاعر :
__________________
(١) ديوان طفيل ١٩ ، شرح الأعلم ١٤٩ ، المقتضب ٣ / ٢١٩ ، شرح النحاس ١٣٧.
(٢) ديوان أبي الأسود ١٠٩ ، شرح الأعلم ١ / ١٤٩ ، المقتضب ٣ / ٢١٩ ، شرح النحاس ١٣٨.