" زيد" و" شر من زيد".
وقال : أراد أن يفضله على بعض ولا يعمم ، وجعل زيدا الموضع الذي ارتفع منه أو سفل منه.
والأولى في هذا : أن يجعل من باب ابتداء الغاية ؛ لأنه إذا قال : " هو أفضل من زيد" فقد ارتفع عن محل زيد وعن مكانه ، وارتفاعه عن محل زيد هو ابتداء ارتفاعه حتى يفضي بذلك إلى أنّه أفضل من كل من محله كمحل زيد أو دونه لأنه ارتفع عن ذلك المكان.
ومعنى قوله" وتقول : رأيته من ذلك الموضع. فجعلته غاية رويتك كما جعلت حيث أردت الابتداء والمنتهى".
معناه : أنك ترى شيئا في مكان فتقول : رأيته من ذلك المكان ، فكان ذلك الموطن منه ابتداء رؤيتك إذا لم تصح الرؤية إلا منه.
ومعنى قوله : إن ما جاء على حرفين ، مما وضع موضع الفعل ، أكثر مما جاء من الفعل المتصرف. يريد بالفعل المتصرف : الأحرف الثلاثة التي ذكرها وهي : كل ، وخذ ومر ، وليست بمطردة.
وأما ما يدخله الإعلال فيصير على حرفين في الأمر فكثر نحو قولنا : قل وبع وخف وشبهه ، وليس بالذي أراده سيبويه.
قال : واعلم أن بعض العرب يقول : م الله لأفعلن ، يريد : أيم الله فحذف.
هذا قول سيبويه. وغيره يقول : إنما الميم من من وقد قيل : من ربي لأفعلن.
وقال بعضهم : من يمين ، وهذا أولى به ؛ لأنها مكسورة وميم" أيم" مضمومة.
وذكر" بله" ، ومعناها : دع ، تقول : " بله" زيد و" بله" هاهنا : بمنزلة المصدر كما تقول : ضرب زيد.
قال الشاعر :
* تذر الجماجم ضاحيا هاماتها |
|
بله الأكفّ كأنّها لم تخلق |
كأنه قال : دع الأكف ثم جاء ببله فجعله مكان المصدر كأنه قال : ترك الأكف كما تقول : ضرب زيد ، بمعنى : اضرب زيدا.
ومنهم من ينصب الأكف ، ولم يذكره سيبويه. ويحتمل ذلك وجهين :
ـ أحدهما : أن يقدر : " بلها الأكفّ" وحذف التنوين لاجتماع الساكنين.
ـ والآخر : أن" بله" لا يتمكن ، فوضع موضع الفعل كما قيل : رويد زيدا وما أشبهه.
قوله : " وأما نول ، فتقول : نولك أن تفعل كذا وكذا ، أي : ينبغي لك فعل كذا ، وأصله من التناول".