قال : «وتقول : أعبد الله أخوه تضربه ، وهو بمنزلة قولك : أأنت زيد ضربته».
وفيه من الاعتراض والاختلاف مثل ما في : أنت زيد ضربته.
فإن قال قائل : إذا قلت : أزيدا أخاه تضربه؟ فما الذي ينصب زيدا والأخ؟ أهما فعلان أم فعل واحد؟ فإن قلتم : فعل واحد ، فكيف يستقيم هذا ومعناهما مختلف؟ لأن زيدا ليس بمضروب و «أخاه» مضروب ، وإن كان نصبهما بفعلين مختلفين ، فكيف يصير «تضربه» تفسيرا لهما؟.
قيل له : إن هذا الفعل الواقع بضمير الأخ قد دل على الناصب للأخ فصار كالظاهر لدلالة الفعل عليه ، وعلم ما هو.
فإذا علم صار تفسيرا للفعل الذي نصب زيدا ؛ لأن ما علم فهو كالظاهر.
وفيه قول آخر : وهو أنا رأينا الفعل الواحد قد يدل في حال على نظيره في اللفظ ، ويدل في حال أخرى على غير نظيره ، فمن ذلك قولك : أزيدا ضربته؟ فتقدير هذا : أضربت زيدا ضربته؟.
وإذا قلت : أزيدا ضربت أخاه؟ فتقديره : ألا بست زيدا ضربت أخاه؟ فلم يدل ضربت على مثله ، وإنما دل على فعل يليق بمعنى الاسم الذي قبله.
فإذا قلت : أزيدا ضربت أخاه تضربه؟ دل تضربه على فعلين : فعل ينصب الأخ ، وفعل ينصب زيدا ، فيدل الضرب على ملابسة «ضرب» في حال واحدة ، كما دل على الملابسة والضرب في حالين مختلفين على حسب الأسماء التي قبله.
قال أبو الحسن : وتقول : أزيدا لم يضربه إلا هو؟ وكذلك : أزيد لم يضرب إلا إياه.
اعلم أن الأخفش ذكر هاتين المسألتين وبناهما على أصول النحويين ، ويحتاجان إلى شرح وإيضاح.
اعلم أن الأفعال المؤثرة إذا وقعت من الفاعل بنفسه لم يجز أن يتعدى ضميره المتصل إلى ضميره المنفصل ، لا تقول : ضربتن ولا ضربتك وما أشبه هذا. وإنما يقال : ضربت نفسي وما أشبه هذا. وإنما لم يجز هذا من قبل أن أكثر العادة الجارية من الفاعلين أن يوقعوا الفعل بغيرهم ، وأن يوقع الفعل بهم غيرهم. وأفعال الإنسان بنفسه هي التي لا تتعدى نحو : قام وذهب وشبهه.
وإذا وقع الفاعل بنفسه فعلا ، أجرى لفظه على لفظ غيره ، ولم يعده إلى ضميره ، وأتى بلفظ النفس ، فصار بمنزلة قولك : ضربت غلامي.
ويجوز تعدي ضمير الفاعل إلى ضميره في الأفعال الملغاة وهي : ظننت وأخواتها ، تقول : ظننتني منطلقا ، وظننتك منطلقا.