غيره فألزموه الألف واللام للاختصاص والعلامة الموضوعة للمعرفة المحضة فقالوا : «الله» كما أدخلوا الألف واللام على أحد النجوم لفضله عليها ، (وشهرته) فيها ، وهو «الثريا» فقالوا : النجم ، فصار علما لها دون سائر النجوم ، كما صار «الله» علما للبارئ ـ جل وعز ـ دون سائر الآلهة المعبودة دونه سبحانه وتعالى.
ولما وضعوه علما خاصّا ، أكدوا العلامة والاختصاص بأن حذفوا الهمزة حذفا لازما حتى لا يشركه في الاسم المختص من الجنس غيره ، إذ كان قولنا : «إله» يحتمل أن يقع على إله من الآلهة المعبودة دونه إذا كان معبودا.
ولما حذفوا الهمزة لهذا المعنى حذفا لازما ، جعلوا إثبات الألف واللام لازما ليكون ذلك عوضا لازما من حذف لازم ، فصارت الألف واللام كأنها من نفس الكلمة لذلك لم يعاقبها حرف النداء ، فقطعت معه في الوصل ، وقيل : يا ألله ، فهذا بين صحيح ، فقف عليه فإنه من أصح القول فيه ، وألطف الاعتلال له.
وأما وجوب تقديم «الرحمن» على «الرحيم» فمن حيث وجب تقديم «الله» على «الرحمن» ، وذلك أن أصل الإخبار والوضع للحديث إنما هو للأسماء الأعلام المشاهير نحو : زيد وعمرو والحارث والعباس وما جرى مجراها.
«فالله» ، هذا اللفظ هو الاسم العلم الموضوع أولا للدلالة على الباري واختصاصه من غيره. فوجب تقديمه لما ذكرنا من استحقاق الاسم الخاص لذلك.
و «الرحمن» اسم خاص له جل وعز ، مشتق من الصفة التي يستحقها دون غيره ، وهي وصفه بالرحمة.
واستحق أن يشتق له اسم من هذه الصفة دون غيره. كما استحق أن يسمى باسم من الجنس لما قدمنا من فضله على كل جنس ، وفضل صفته على كل صفة.
فقيل له : «الرحمن» وهو أحد الرحماء ؛ لأنه أرحمهم كما قيل له : «الله» لأنه أحد الآلهة ، إلا أنه المستحق للإلهية دونها.
«فالرحمن» اسم غالب له ، منقول من صفته بمنزلة قولنا : الحارث والعباس ونحوهما من الأسماء الغالبة المنقولة من الصفات الواقعة. فلما كان «الرحمن» اسما خاصّا مقصودا به قصد التسمية والوضع للعلامة ، لا قصد النعت والصفة ، وجب تقديمه على «الرحيم» لأن «الرحيم» لم يقصد به ذلك القصد ، وإنما هو صفة من صفاته ، واسم من أسمائه التي هي غير منقولة من جنس ولا غالبة من وصف.
وأما وجوب وقوع «الرحمن» بعد «الله» فلأنه وإن كان اسما خاصا ، غالبا ، منقولا من صفة غالبة ، ف «الله» منقول من جنس عام ، والصفات بعد الأجناس ، والنعوت بعد الأسماء ،