وقال أيضا :
* هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة |
|
محطوطة جدلت ، شنباء أنيابا (١) |
كأنه قال : نقية أنيابا.
والهيفاء : اللطيفة الخصر. والمحطوطة : البراقة اللون المصقولة.
وقال عدي بن زيد :
* من حبيب أو أخى ثقة |
|
أو عدو شاحط دارا (٢) |
أراد شاحط داره ، والشاحط : البعيد.
وأجاز سيبويه في الشعر هي حسنة وجهها وضعفه.
وإنما كان ضعيفا من قبل أن في حسن ضميرا يرتفع به يعود إلى زيد ، فلا حاجة بنا إلى الضمير الذي في الوجه ، لأن الأصل : زيد حسن وجهه ، وهند حسنة وجهها. والهاء تعود إلى زيد فنقلنا هذه الهاء بعينها إلى حسن فجعلناها في حال رفع فاستكنت فيه ، فلا معنى لإعادتها ، ولكن من أعادها ضرورة جعل الضمير مكان الألف واللام وبقي الضمير الأول على حاله مرفوعا ، وصيره كقولك : زيد ضارب غلام.
وعلة ثانية أوجبت امتناعه ، وذلك أن وجه الجر في : حسن الوجه إنما يكون حيث يجوز النصب فيه ، فكما تقول : برجل حسن الوجه تقول برجل حسن الوجه فتشبههما بقولك : مررت برجل ضارب الغلام. وضارب الغلام يشبه الوجه من جهة اللفظ حيث لم تضفه إلى الضمير بالغلام ولم يجز أن تقول : مررت برجل حسن وجهه بالخفض ، كما لم يجز قولك حسن وجهه بالتنوين والنصب ؛ لأن الوجه فاعل لما قبله والفاعل لا يجوز نصبه فلما امتنع نصبه امتنع خفضه ؛ لأن هذه الصفة مشبهة باسم الفاعل وأنت لو قلت : مررت برجل ضارب أبوه زيدا ، لم يجز أن تنصب الأب لأنه فاعل ، ولا أن تجره لأنك لا تضيف.
وأنشد قول الشماخ :
* أقامت على ربعيهما جارتا صفا |
|
كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما |
فجونتا بمنزلة حسنتا. ومصطلاهما بمنزلة وجوههما ، والضمير الذي في مصطلا يعود إلى قوله : جارتا صفا. والصفا هو الجبل ، وهما أثفيان والجبل هو الثالث.
قوله : كميتا الأعالي ، يعني أن الأعالي من الأثافي لم يسود ؛ لأن الدخان لم يصل إليهما فهي على لون الجبل ، وجونتا مصطلاهما : يعني مسودتا المصطلى وهو موضع الوقود.
وأنكر بعض النحويين هذا على سيبويه وخرج للبيت ما يخرج به عن حسن وجهه ،
__________________
(١) شعر أبي زبيد ٣٦ ، شرح الأعلم ١ / ١٠٢ ، شرح النحاس ٣٩ ـ ٢٣ ، شرح السيرافي ٢ / ٨٢٥.
(٢) ديوان عدي ١٠١ ، شرح الأعلم ١ / ١٠٢ ، معاني القرآن ٢ / ٤٠٩ ، شرح السيرافي ٢ / ٨٢٦.