ووجه آخر : وهو أن قوله : «جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل» أي لمعنى ذلك المعنى.
«ليس باسم» ، أي : ليس بدال عليه الاسم.
«ولا فعل» ، أي : ليس بدال عليه الفعل.
ووجه ثالث : أن الحروف على ضربين :
ـ حروف معان : كإلى ، ونعم ، وثم وما أشبه ذلك.
ـ وحروف لا معنى لها وهي حروف المعجم.
ومتى قرنت بالاسم والفعل ، لم يأتلف الكلام. فقال : «جاء لمعنى» ليفرق بينه وبين ما لم يجئ لمعنى.
ولم يحد سيبويه الاسم حدّا ينفصل به من غيره ، وذكر منه مثالا اكتفى به عن غيره
فقال : «الاسم : رجل وفرس».
واختار هذا ؛ لأن أخف الأسماء الثلاثية ، وأخفها : ما كان نكرة للجنس.
وحد الاسم على الحقيقة أن يقال «كل شيء دل لفظه على معنى غير مقترن بزمان محصل فهو اسم».
فهذا الحد لا يخرج منه اسم ، ولا يدخل فيه غير اسم.
وقوله «أخذت من لفظ أحداث الأسماء» يعني أن الأبنية المختلفة أخذت من المصادر التي تحدثها الأسماء ، وأراد بالأسماء : أصحاب الأسماء وهم الفاعلون.
وقوله : «وبنيت لما مضى» إلى قوله : «لم ينقطع» اعلم أن سيبويه ومن نحا نحوه يقسم الفعل على ثلاثة أزمنة :
ماض ومستقبل وكائن في وقت النطق به.
وطعن طاعن في هذه فقال : أخبرونا عن الحال الكائن أوقع وكان فيكون موجودا في حيز ما يقال عليه كان؟ أم لم يوجد بعد فيكون في حيز ما يقال عليه لم يكن؟. فإن قلتم : هو في حيز ما يقال عليه : لم يكن ، فهو مستقبل ، وإن كان في حيز ما يقال عليه كان فهو ماض ، ولا سبيل إلى ثالث ، فدلوا على صحة هذا؟
فالجواب في ذلك أن الماضي هو الذي أتى عليه زمانان أحدهما : زمان وجوده وزمان ثان يقال فيه : وجد وكان ، ونحو ذلك.
فالذي يقال : وجد الفعل فيه : هو زمان غير زمان وجوده ، فكل فعل صح الإخبار عن حدوثه في زمان بعد زمان حدوثه فهو ماض.
والمستقبل هو الذي يحدث عن وجوده في زمان لم يكن فيه ولا قبله ، فقد تحصل لنا الماضي والمستقبل.