فرفع الكعوب بالأصم والأصم : الصلب الشديد ، والثروة : الكثرة ، والأبلخ : الشامخ بأنفه كبرا ، والمتظلم : الظالم.
والمعنى : إن الرمح لا يبالي بالرجل الظالم ولا يشعر به فيتجنبه ، ويروى في أخبار النابغة الجعدي أنّه لما قال هذا البيت ، قال له المهجو : لكن حامله يشعر فيقدعه يا أبا ليلى فغلبه بالكلام ويروى : رهط الأعبط والأغيظ.
ومعنى قوله سيبويه : كأنك تكلمت به على حد أعورين.
أي : أن أعور ، وإن كان لا يجمع جمع السلامة ، فقد أجروا واحده على الأول بتقدير معور إذا رفع به واحد ، فكذلك إذا رفع به اثنان أو جماعة ، فكأنك تكلمت به على حد ما يجمع جمع السلامة ، وإن كان إنما يجمع مكسرا كما جمعوا : هلكى ، ومرضى ، وموتى على حد فعيل ، بمعنى : مفعول مثل : جريح وقتيل ، وصريح ، وجمعه صرعى وجرحى وقتلى ، فتقدير أعورين ـ وإن لم يتكلم به كتقدير هلك فهو هليك ومرض فهو مريض ، وإن لم يتكلم به.
واعلم أن هذه الصفات إذا كسرت ، فهي تجري في رفع ما بعدها مجرى الفعل لأنها جاءت على مثال مختص بها. كما اختص الواحد ببنائه ، فأجريت مجرى الواحد في رفع ما بعده ، ومما يدل على أن هذا الجمع المكسر ليس كالفعل المتصل بضمير الجمع ، أنّه ليس شيء من الفعل إذا كان للجميع يجيء على غير بنائه إذا كان للواحد. فمن ثم صار حسان وما أشبهه بمنزلة الاسم الواحد ، نحو : مررت برجل جنب أصحابه وصرورة قومه وما أشبه ذلك.
واختار سيبويه أن تجري الصفات المكسرة مجرى الفعل ، كما يجري واحدها نحو : مررت برجل حسان قومه.
واختار في ما يجمع بالواو والنون إذا كان مفردا أن يجري مجرى الفعل ، فإذا ثني وجمع ، اختار فيه القطع والابتداء.
وقال المبرد : أختار في كل ما جمع بالواو والنون نحو منطلق ومنطلقين ، الإجراء على الأول ، وما كسر ، فإني أختار فيه أن أجريه مجرى : باب خير منه فأرفعه.
وقال الزجاج : الجيد قول سيبويه ، في قولك : مررت برجل عور قومه بالجر ، لأنه قد كان يجوز : مررت برجل منطلقين آباؤه ، فإذا جاز في الذي فيه علامة الجمع : كان الاختيار هاهنا ، وهذا قياس يستمر في العربية.
وأنشد سيبويه ـ مستشهدا بحذف علامة التأنيث ـ قول أبي ذؤيب يمدح الزبير :