ومعنى قوله بعد أن ذكر لام الإضافة : " ومعناها الملك والاستحقاق".
يريد : أن بعض ما تدخل عليه اللام ، لا يحسن أن تقول أنّه يملك ما أضيف إليه ، وبعضه يحسن. فأما الذي يحسن : فقولك : الدار لزيد. والذي لا يحسن : أن تقول : زيد صاحب للدار ، والله رب الخلق ، ورب للخلق ، فالخلق مستحقون أن يكون الله ربهم ، ولا يقال : إنّهم يملكون ولا يقال : إن الدار مالكة لصاحبها.
ومعنى قوله في الباء : " هي للإلزاق والاختلاط" إلى قوله : " فما اتسع من هذا الكلام فهذا أصله" إنما قال هذا لأنه قد يستعمل بالباء ما لا يكون إلصاقا كقولك : مررت بزيد لم تلزق المرور بزيد ، إنما تريد المرور التزق بالموضع الذي يقرب منه ويقع منه ، وتقع فيه مشاهدته والإحساس به.
وذكر في الباب أن" إن" تكون لغوا في قولك : " ما إن تفعل".
وقال الفراء : هما جميعا للنفي ، وزاد على ذلك بأنه يقال : " لا إن ما" فتكون الثلاثة للجحد.
وأنشد :
* إلا الأوارى لا إن ما أبينها (١)
والذي قاله فاسد ؛ لأن الجحد إذا دخل على الجحد صار إيجابيّا ، والذي قاله سيبويه وأصحابه صحيح ؛ لأنهم جعلوا أحدهما لغوا ، واعتمدوا بالجحد على الآخر.
وأما البيت الذي أنشده الفراء فرواية الناس : " لأيا ما أبيّنها".
وذكر سيبويه أن" إن" تزاد بعد ما التي هي ظرف للتوكيد.
وأنشد للمعلوّط القريعي (٢) :
* ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته |
|
على السنّ خيرا لا يزال يزيد (٣) |
ويروى : " عن السن" وعن بمعنى على.
يريد : رجّه للخير ما رأيته لا يزال خيرا على السن والكبر.
وأنشد لأبي ذؤيب :
__________________
(١) شرح السيرافي ٦ / ٤٥٠ ، شرح شواهد المغني ١ / ٧٤ ، ٧٦.
(٢) هو المعلوط بن بدل بن قريع بن عوف بن كعب من شعراء الفترة الإسلامية.
الخزانة ٣ / ٢٢٠.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٣٠٦ ، شرح النحاس ٣٤٠ ، شرح السيرافي ٦ / ٤٥٤ ، الخصائص ١ / ١١٠ الجنى الداني ٢١١ ، شرح المفصل ٨ / ١٣٠ ، مغني اللبيب (١ / ٣٨ ، ٤٠١) ، شرح شواهده ١ / ٨٥ ، ٢ / ٧١٦ ، حاشية الصبان ١ / ٢٣٤ ، الخزانة ٨ / ٤٤٣ ، المقاصد النحوية ٢ / ٢٢.