وأنشد سيبويه قول مقاس العائذي :
* فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي |
|
إذا كان يوم ذو كواكب أشهب (١) |
واستشهد به على أن «كان» بمعنى وقع.
ومقاس لقب واسمه : مسهر بن النعمان وسمي مقاسا بقوله :
مقست بهم ليل التمام مسهرا |
|
إلى أن بدا ضوء من الفجر ساطع |
وأنشد لعمرو بن شأس :
* بني أسد هل تعلمون بلاءنا |
|
إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا (٢) |
يريد : إذا كان اليوم يوما ، فأضمر لعلم السامع ،
ومعناه : إذا كان اليوم الذي يقع فيه القتال.
قال : وبعض العرب يقول : «إذا كان يوم ذو كواكب أشنعا»
فيجعل «كان» بمعنى وقع ، ويجعل «أشنع» على الحال ، إلا أنها حال لا تفيد إلا توكيدا.
وقد يجوز أن يكون «أشنعا» خبرا.
قوله : «وقد يجوز في الشعر» إلى قوله : «على ضعف من الكلام».
اعلم أن الذي حملهم على أن يجعلوا المعرفة خبرا عن النكرة في باب «كان» : أنهم قد جعلوا «كان» فعلا بمنزلة : ضرب. وقد يجوز أن يكون فاعل ضرب منكورا ومفعوله معروفا ، وسوغ ذلك أيضا في «كان» أن الاسم فيها هو الخبر فتعرف الاسم بمعرفتك الخبر إذ كان لشيء واحد. وضعف ذلك لأنك لم تعرفه بنفسه ثم يستفاد خبره.
واستشهد سيبويه على ذلك بقول خداش بن زهير.
* فإنك لا تبالي بعد حول |
|
أظبي كان أمك أم حمار (٣) |
وبقول حسان بن ثابت وما بعده من الأبيات.
فأما البيت الأول فقد رد على سيبويه الاستشهاد به ؛ لأنه جعله شاهدا لجعل النكرة اسما والمعرفة خبرا. واسم كان في هذا البيت ضمير ظبي والضمير معرفة.
وليس الأمر على ما ظنه الرادون عليه ، وذلك أن الذي أحوج إلى أن يكون الاسم معروفا تبين المخبر عنه للمخاطب حتى لا يلتبس عليه ، ويستفيد خبره بعد ذلك وضمير النكرة لا يستفيد به المخاطب أكثر من النكرة.
__________________
(١) شرح الأعلم ١ / ٢١ ، المقتضب ٤ / ٩٦ ، إعراب القرآن ١ / ١٨٩ ، شرح النحاس ٢٣ ، المسائل البغداديات ٥٤٧
(٢) شرح الأعلم ١ / ٢٢ ، المقتضب ٤ / ٩٦ ، شرح النحاس ٢٤ ، شرح السيرافي ٢ / ٣٠٦.
(٣) الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٣ ، المقتضب ٤ / ٦٣ ، شرح النحاس ١٩ ، مغتي اللبيب ٢ / ٧٦٨.