الساكنين ، ولا يدغم حرف بعد ساكن في مثله إلا أن يكون الساكن من حروف المد واللين.
ويبطله أيضا ، أن الإدغام يكسر البيت. ويبطله أيضا أنّه قال : " ومما أدغمت العرب الهاء في الحاء".
وليس الأمر كذلك ؛ لأن الحاء قبل الهاء في الكلمة ، فكيف يدغم الثاني في الأول؟.
وذكر سيبويه : أن العين تضعف عن إدغام الحاء فيها ويحسن إدغام العين في الحاء ، وكذلك يحسن إدغام الغين في الخاء ، والخاء في الغين لأنهما قربا من حروف الفم ، حتى إن من الناس من يجريها مجرى حروف الفم ، فيخفى النون الساكنة معهما ، كما يخفيها مع القاف والكاف وما أشبههما من حروف الفم فصار العين والحاء حيزا مفردا بين حروف الحلق وحروف الفم ، فيدغم أحدهما في الآخر ولا يدغم في واحد منهما ما قبلهما من حروف الحلق ، ولا ما بعدهما من حروف الفم.
وإنما جاز إدغام الخاء في الغين ، ولم يجز إدغام الحاء في العين لأن للحاء فضيلة بالرخاوة والهمس ، وسهولة اللفظ وخفته ، ولأن حروف الحلق ليست بأصل في الإدغام ولا قوى فيها ، والحاء والعين من وسط الحلق ، والخاء والغين قريبتان من حروف الفم ، وقد أجريتا مجراها في إخفاء النون الساكنة عندها في بعض اللغات على ما أعلمتك.
وقوله : " ويدلك على حسن البيان عزّتها في باب رددت".
يريد أن التقاء الغينين أقل من التقاء الخاءين.
ألا ترى أن ما عين فعله ولامه خاء قد جاء منه حروف كثيرة نحو رخ في قفاه ، ورخّها إذا نكحها ، وشخّ البول : إذا أخرجه قليلا قليلا.
والمخّ والفخّ وما أشبهه.
ولا يعلم غينان التقيا عينا ولاما إلا أن يكون بينهما حاجز قالوا : ضغيغة من بقل وعشب ، إذا كانت الروضة ناضرة.
والرّغيغة : لبن يحبس حتى يحمض.
فعلّة التقاء الغينين في باب رددت ، يوجب حسن البيان إذا كانت خاء بعدها غين ، لأنها لو لم تبين وأدغمنا الخاء في العين لالتقت غينان.
وقوله : بعد ذكره النون : " وتدغم في اللام لأنها قريبة منها" إلى قوله : " لأن الذي بعده ليس له في الخياشيم نصيب ، فيغلب عليه الاتفاق" قوله : " لأن الذي بعده" يعني اللام ليس له في الخياشيم نصيب ولو كان له نصيب في الخياشيم لما احتجنا أن نتكلف غنة من أجل النون كما أنا إذا أدغمنا النون في الميم ، استغنينا بما في الميم من الصوت في الخيشوم عن الغنّة التي تتكلف للنون.