آلخوان أكل اللحم» إلى قوله : «كما تقول : آلدرهم أعطيته زيدا».
اعلم أن ظاهر هذا الكلام : أنه كالمنقطع مما قبله وهو متصل به في الحقيقة ، وذلك أنه قد تقدم أن الاسم الذي بعد ألف الاستفهام إنما يجب أن يكون على سببه أو على ضميره في الفعل الذي بعده ، إذا كنا متى ألغينا الضمير وصل الفعل إليه ، لأنك تقول : أزيدا لم يضربه إلا هو؟ فتنصب زيدا ؛ لأنك لو ألغيت الهاء التي في تضربه لقلت : أزيدا لم يضرب إلا هو؟
فقيل للأخفش : أنت تقول : آلخوان أكل عليه اللحم؟ وأنت لو حذفت الضمير العائد إلى الخوان لبطل الكلام فلا ينبغي أن تغير الأول بحذف ضميره.
ففصل الأخفش فقال : إذا قلنا : آلخوان أكل اللحم؟ لم يجز ؛ لأن الخوان لا يتعدى الفعل إليه إلا بحرف جر كما لا يجوز أن تقول : مررت زيدا.
وقد يكون في الفعل ما يتعدى بغير حرف جر كقولك : لقيت زيدا ، وخبرت زيدا.
فالمعنى الذي أفسد : آلخوان أكل اللحم؟ غير المعنى الذي أفسد أزيد لم يضربه إلا هو؟ لأن المعنى الذي أفسد : أزيد لم يضربه إلا هو؟ هو أن الظاهر لا يتعدى إلى ضميره المتصل ، ولا ضميره إلى ضميره.
وهذا الوجه الآخر في قولهم : آلخوان أكل اللحم إنما يفسد لحذف حرف الجر ، كما يفسد : مررت زيدا.
فقال الأخفش : فاللحم في قولنا : آلخوان أكل اللحم عليه؟ اسم منفصل ، والأسماء المنفصلة لا يمتنع تعدي فعلها إلى كل شيء من الأسماء.
ولو غيرنا في الجملتين المتقدمتين ـ في حمل «زيد» مرة الضمير المنصوب ومرة على الضمير المرفوع ـ بحذف الضمير لصار تقدير المسألة الأولى : أزيد لم يضربه؟ وصار تقدير الثانية : أزيدا لم يضرب؟ فيكون الأول يتعدى ضميره إلى ضميره ، والثاني يتعدى ضميره إلى ظاهره ، وقد بينا فساد ذلك ، واللحم اسم منفصل غريب من الأول.
ثم قال : «والأسماء المنفصلة يعمل فعلها في الأول فجرت كلها في ذلك ، كما تقول : الدرهم أعطيته زيدا؟».
يريد أن الأسماء المنفصلة الأجنبية من المفعول يعمل فعلها في المفعول إذا تقدم ، سواء تعدت أفعالها بحرف أو بغير حرف ، فيكون : آلخوان أكل عليه اللحم؟ بمنزلة قولك : آلدرهم أعطيته زيدا؟ كما أن قولك : أزيدا مررت به؟ كقولك : أزيدا لاقيته؟.
وقوله : «والأسماء (غير) المنفصلة لم تجر مجراها».
يعني أن الأسماء المنفصلة الغريبة الأجنبية في التعدي إلى المفعول الذي هو غيرها ، لم تجر مجرى تعدي الأسماء إلى ضمائرها ، وقد بين ذلك.