______________________________________________________
كان متوجهاً الى المنوب عنه ومتعلقاً بفعله ، الا أن النائب ينزل نفسه منزلة المنوب عنه ، فيكون الأمر المتوجه الى المنوب عنه متوجهاً اليه ، ويكون فعله فعلا للمنوب عنه تنزيلا. وكما أن فعل المنوب عنه مفرغ لذمته كذلك فعل النائب.
وهذا ـ على ظاهره ـ لا يخلو من اشكال ، إذ التنزيل المذكور ـ بعد ما لم يكن حقيقياً بل كان ادعائياً ـ فهو إنما يقتضي ذلك لو كان صادراً ممن له جعل الاحكام والاثار لكونه طريقاً الى ذلك عرفا ، أما لو كان صادراً من غيره فلا يقتضي ذلك أصلا. ولذا لا يمكن الالتزام بأن تنزيل المكلف للخمر منزلة الماء يقتضي إباحته ، كما أن تنزيل نفسه منزلة عمرو لا يقتضي جواز وطء زوجته ، والتصرف في أمواله ، وصحة طلاقه لزوجاته ، الى غير ذلك مما لعمرو من الأحكام التكليفية والوضعية ، وأيضا إذا اقتضى التنزيل المذكور كون فعل النائب فعلا للمنوب عنه فيكون واجبا ، لم لا يقتضي كون تركه عصياناً يستحق النائب عليه العقاب وفعله طاعة يستحق عليها الثواب؟!.
ويمكن أن يقال في دفع أصل الاشكال : إن الخطاب وان كان متوجها الى المنوب عنه إلا أن ملاكه موجود في كل فعل مضاف إليه إضافة الملك ، سواء أكان مضافا إليه إضافة الصدور ـ كفعله نفسه ـ أم لا ، كفعل النائب الذي يصدر منه بعنوان كونه للمنوب عنه ، فالنائب مهما تصور الفعل المأتي به للمنوب عنه وجده واجداً لملاك الأمر ، فيجوز أن يأتي به قاصداً التقرب بذلك الملاك فيصح طاعة وعبادة : كما يصح لو صدر من المنوب عنه بقصد كونه عن نفسه.
ثمَّ إن نتيجة الفعل المذكور ـ وهو الاستحقاق للثواب ـ لا بد أن يكون راجعاً الى المنوب عنه ، لأنه الذي يملك الفعل ، لا النائب وان كان